أعني بذلك المبالغ الباهظة التي تتحملها ميزانية الدولة لسداد تعويضات الموظفين عن تضررهم بسبب قرارات لا تمت للمصلحة العامة بصلة على الإطلاق وهناك العديد من الأمثلة عن قضايا كسبها موظفون في مختلف الوزارات وأنصفهم القضاء العادل بعد ظلمهم بسبب قرارات معيبة اتخذتها جهات العمل حيالهم بجهل واستخفاف بالقانون.
ومن ثم يحكم القضاء العادل بالتعويض، ولكن التعويض لا يدفعه من اتخذ القرار الخاطئ بل تتحمله الدولة من المال العام، ويبقى المسؤول في موقعه ويتخذ المزيد من الأخطاء بالقرارات ممارسا للظلم الوظيفي والإنساني على موظفيه.
والسؤال: ما حجم ما تتحمله ميزانية الدولة بسبب مثل تلك القرارات الخاطئة؟ وكيف تحاسب الدولة المتسببين في مثل تلك القرارات؟ وهل تملك الجهات الرقابية مثل ديوان المحاسبة الأدوات اللازمة للرقابة على هذا الهدر في المال العام؟ وهل يملك ديوان الخدمة المدنية السلطة اللازمة لوقف مثل تلك الممارسات التي تكرس الظلم الوظيفي وتؤثر على الإنتاجية وتطوير أداء جهاز الدولة؟
وإن كان لدى الجهات الرقابية أدوات المحاسبة، فلماذا لا تنشر تقاريرها بكل شفافية لعلها تردع كل ظالم وتعطي الأمل للمظلومين عندما يرون أن القانون فوق الجميع، وأن الدولة لا تتحمل ثمن أخطاء بعض قيادييها الذين ألقوا بالمصلحة العامة جانبا واتخذوا قرارات ألغتها المحاكم لاحقا وأنصفت المظلومين.
إن استمرار تحمل ميزانية الدولة هذه الأخطاء الناتجة عن القرارات الظالمة يجعل الأمل في الردع بعيدا وضعيفا ويبدو الضوء خافتا في نهاية هذا النفق المظلم.
وعندما تكون إنجازات أي مسؤول هي قرارات ظالمة تترتب عليها تعويضات من المال العام وليس من ماله الخاص فإن الإجراء المنطقي هو محاسبة المسؤول، وأن يتحمل من ماله الخاص ثمن أخطائه، وبعد ذلك يجب تنحيته من موقعه الذي استغله لتكبيد الدولة الخسائر الكثيرة والتي كان من الممكن تلافيها بالقرارات العادلة.