منذ أكثر من عام، وبالتحديد بعد الإعلان عن جائحة كورونا المستجد فإننا اطلعنا على الكثير مما أصاب الأنظمة الصحية في مختلف دول العالم وكأنها كانت أنظمة شديدة الهشاشة إلى أن أعلنت بعضها عن انهيارها أو تصدعها أو احتمائها خلف إجراءات الحظر ولكن في الواقع فإن هذه الأنظمة الصحية قد انكشفت وظهرت عيوبها، سواء من ناحية التمويل أو غياب السياسات أو تصدع الإدارات أو غياب الاستعدادات للطوارئ.
وقد أدت الأزمة إلى استقالات بعض وزراء الصحة وتعرض الكثيرين منهم إلى انتقادات غير مسبوقة على أوسع نطاق والمحاسبة عن أخطاء إدارة الأزمة بدول كثيرة.
ولم تجد العديد من الأنظمة سوى حجة واحدة وهي اتهام المجتمع بعدم الامتثال للإجراءات الاحترازية أو الجهل بها إذ لم نسمع عن قيام أي نظام صحي بأي دولة بتقييم ذاتي مستقل ومهني ومحايد لاستخلاص الدروس المستفادة من الأزمة لتكون رصيد قوة تتمكن معه من عدم تكرار الأخطاء وتحويل عوامل الضعف إلى عوامل نجاح في المرات القادمة.
ومهما كانت الاجتماعات الدولية والتحقيقات حول منشأ كورونا ومهما كانت المنافسة بشأن التطعيم، فإن الأزمة يجب ألا تمر دون الاستفادة من دروسها الصعبة بشفافية كاملة وموضوعية حتى يتوقف أنين الأنظمة الصحية ولا يتحول إلى نحيب على من فقدوا وعلى عدم كفاءة إدارات ونظم صحية، فقد أظهرت الأزمة عورات وسلبيات النظم الصحية على كل المستويات، وللأسف الشديد فقد أصبحت الحاجة ملحة لإعادة تعريف النظم الصحية والأمن الصحي بلا مجاملات.
وهناك أنظمة صحية تشكو الآن من توقف الكثير من البرامج بسبب الانشغال بالتصدي لكورونا، وهناك أنظمة تشكو من ضعف التمويل وبعضها أيضا تشكو من ضعف إمكانيات الطوارئ، بينما معظم الأنظمة تحمل المجتمع مسؤولية الامتثال للقيود والإجراءات الاحترازية مهما كانت الأعباء الاقتصادية بتوقف الحياة اليومية وعجلة الاقتصاد والتنمية، وهناك من يخلط بين الأداء السياسي والتصدي للجائحة والتي يجب معاملتها بدون تدخل سياسي.
ومن حق المعنيين بالحق في الصحة كأحد حقوق الإنسان الأساسية أن يطمئنوا لوجود أنظمة صحية ذات كفاءة عالية تصون الحق في الصحة في جميع الأوقات بما فيها أوقات الطوارئ.