يجب ألا ننسى هذا التاريخ ونعلم أبناءنا وبناتنا وأحفادنا ما حدث فيه وهو الغزو العراقي الآثم، والذي تبعته تداعيات مؤلمة على وطننا الغالي وعلى جميع المواطنين سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها، وقد حاول الغزاة محو الهوية الوطنية والعبث بالبلاد ومحو الكويت ولكن الله سبحانه وتعالى سخر لنا من الإخوة والأصدقاء ممن وقفوا إلى جانب الحق والشرعية الدولية حتى تم هزم الغزاة وتحرير الكويت من براثنهم. وبالرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على هذا الغزو إلا أن آثاره لم تنته، فمازالت رفات الشهداء والمفقودين تصل للبلاد لاحتضانها بتراب الوطن العزيز، ومازالت الجروح لم تندمل ولكل مواطن قصة أو قصص عما حدث أيام الغزو الغاشم والمعاناة التي تعرض لها.
وبهذه المناسبة، نشكر كل من وقف معنا في تلك المحنة، وندعو الله أن يرحم شهداءنا الأبرار وأن يحفظ الكويت عزيزة حرة مستقلة تحت قيادة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله. ولتكن الدروس المستفادة من تلك المحنة أمامنا دائما وأمام الأجيال القادمة ولن نمل من تكرار سردها لأبنائنا وأن نستمر بالسجود لله شكرا وحمدا على نعمته بتحرير الكويت.
وقد كان الجميع يتسابقون للقيام بأدوار مهمة أثناء الغزو سواء خارج البلاد لرعاية المواطنين الذين انقطعت بهم السبل في جميع أنحاء العالم أو بتقديم الدعم والرعاية لمن هم داخل البلاد وتأمين احتياجاتهم. وقد التحق العديد من أبناء الوطن بصفوف الجيش الكويتي ضمن منظومة التحالف الدولي وتحمل الأطفال الكثير من الصدمات وأصيب بعضهم بالاعتلالات النفسية وكعادة المرأة الكويتية كانت في المقدمة دائما سواء داخل الكويت، فمنهن من عملن مع المقاومة أو في الخارج بمشاركتهن في التعريف بالكويت والشرعية لها بالإضافة إلى مساعدة العائلات خارج البلاد وتأمين احتياجاتهم أيضا. وإن عدنا إلى أرشيف تسلسل الأحداث طوال شهور الغزو لأدركنا مدى هول وجسامة ما حدث وكيف تم التخطيط له ووضع أهدافه.
وعند استرجاع بعض الأحداث مثل حرق آبار النفط وقطع التيار الكهربائي وتدمير البنية الأساسية للخدمات وتعطيل الحياة العامة وطمس الهوية الوطنية بل حتى أنه تم تغيير أسماء الأحياء والمناطق والمنشآت العامة والمرافق الحكومية لمحاولة محو كلمة الكويت لأدركنا أن معجزة التحرير من براثن الغزو لم تكن مهمة سهلة ولكن إرادة الله عز وجل ثم تضامن المجتمع الدولي والشرعية الدولية كانت سببا لعودة الحق ودحر الغزاة وطي صفحة الغزو البغيضة من التاريخ ولكنه لم ولن تمحى من الذاكرة فإن الجرح عميق ومن الصعب أن يندمل. فقد كانت الكويت قبل الغزو بلاد كل العرب وتبقى مؤمنة بدورها العربي ولن يزعزع الغزو قناعاتها أو يبعدها عن الأشقاء الذين لبوا النداء وقت الأزمة.
وبقدر ما أظهر الغزو مواقف عادلة إلى جانب الحق والشرعية فإن التاريخ قد سطر أيضا مواقف مخزية للبعض من ذوي البصيرة المحدودة ولكن يد الله تعالى كانت فوق أيديهم والحمد لله رب العالمين.