هل الدولة بحاجة إلى إدارة متخصصة في الأمراض المزمنة غير المعدية؟ تعود بي الذاكرة إلى عام 2011 عندما كان هناك اقتراح بإنشاء إدارة جديدة متخصصة تتولى الوقاية والتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية، وأعتقد أن ديوان الخدمة المدنية قد وافق على إنشائها، حيث ستكون هناك أقسام للمسوحات الصحية والفحوصات والتوعية ولكن لظروف يمكن أن تكون إدارية أو روتينية لم تنشأ هذه الإدارة حتى الآن.
وأظن أن الوقت قد حان لإنشاء هذه الإدارة ويجب وضع الأهداف والغايات وتحديد المسؤوليات وتوزيعها لكل أقسامها وخاصة أن الوقت يقترب من عقد اجتماع منظمة الصحة العالمية في هذا الشهر في القاهرة، وسيكون موضوع تلك الإدارة مدرجا على جدول الأعمال وخاصة بعد إصدار التقرير المرحلي الخاص بتنفيذ الإقليم الإعلان السياسي المنبثق عن اجتماع الجمعية العامة الرفيع المستوى المعني بالوقاية من الأمراض غير المعدية (غير السارية) ومكافحتها في عام 2018.
ولا بد من وجود خطة مكتوبة وملزمة عن ضرورة وجود هذه الإدارة لتعمل طوال العام باستمرار وخاصة أن الأمراض المزمنة غير المعدية تتزايد ويجب التوعية المستمرة للتصدي لها والوقاية منها وحتى تكون تحت مظلة المجلس الأعلى للتخطيط وضمن خطة التنمية للدولة حيث انها لها مردودها الإيجابي على صحة وسلامة المجتمع وكذلك أمام المنظمات الدولية.
إن التصدي للأمراض المزمنة غير المعدية وهو أحد أهداف التنمية المستدامة، لا يتعلق بالصحة فقط، ولكنه يتعلق بالتنمية الشاملة والرؤية المستقبلية لما يتضمنه من مواثيق دولية سواء من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو من منظمة الصحة العالمية لأن الالتزام بالتصدي للأمراض المزمنة غير المعدية والوقاية منها هو التزام دولة ويجب اختيار من يديرها أن يكون ممن يمتلك العلم والخبرة ولا يتم الاكتفاء بمن يلقي التصريحات الصحافية فقط في هذا الموضوع.
وقد لوحظ أن البلدان في الإقليم لاتزال بمنأى عن المسار الصحيح لتحقيق الغايات الصحية لأهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 ومنها تخفيض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث من خلال الوقاية والعلاج.
ولذلك فإنه يجب التصدي للأمراض المزمنة على وجه السرعة لتفادي فقدان الكثير من الأرواح قبل الأوان من خلال اعتماد نهج مشتركة بين القطاعات وتشمل الحكومة كلها والمجتمع بأسره وتدمج الصحة في السياسات وإدراج الأمراض غير السارية في الخطط الوطنية للاستجابة للطوارئ الناجمة عن أي أزمات مثل أزمة كوفيد -19 وتنفيذ برنامج وطني واسع النطاق يشمل جميع القطاعات والاستثمار في الوقاية من خطر الأمراض المزمنة وتعزيز استخدام التكنولوجيا من أجل دعم البرامج المعنية بالأمراض غير السارية، وكل هذا يمكن تنفيذه عند إنشاء إدارة متخصصة للأمراض المزمنة غير المعدية والتي نأمل إنشاءها في القريب العاجل.