بينما تمثل الصحة الهدف النهائي والأسمى من أهداف التنمية المستدامة، حيث إنها المحرك الفعلي لتحقيق التنمية إلا أن الإنفاق على الصحة لا يتوافق مع ذلك لأن الإنفاق على التسلح والصراعات العديدة يفوق الإنفاق على الصحة في الوقت الذي تعلو فيه أصوات منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بالحديث عن الحق في الصحة ضمن سياق حقوق الإنسان إذ ان اليونيسف تنشر صور العديد من الأطفال الذين يموتون بسبب سوء التغذية الناتج عن الفقر أو أرقام نسب وفيات الأمومة بسبب عدم توافر الإمكانات الصحية للولادة وكذلك فإن عدم وصول التطعيمات الى الأطفال في العديد من البلدان يهدد ما يطلق من شعارات حول حقوق الطفل في الصحة.
وإذا نظرنا إلى ما يصرف على الصحة سواء من الحكومات أو من الأفراد في العديد من الدول مقارنة بما يصرف على التسلح والحروب نجد أرقاما شديدة التواضع أو تقديرات وليست أرقاما موثوقا بها لأن معظم الدول ليس لديها نظم لحساب الإنفاق على الصحة سواء من الميزانيات الحكومية أو من الأفراد أو من مصادر أخرى إذ ان عدم وجود ما يسمى بالحسابات الوطنية للصحة NHA يجعل الأمر لا يخرج عن تقديرات ولا نعرف الحقيقة أو الواقع وأين تصرف موارد الدولة على الصحة وما قد يصلها من مساعدات خارجية.
وهل الإنفاق على الصحة يتسم بالرشادة من خلال تحديد الأولويات وتوجيه الموارد وكم من تقارير وقرارات من منظمة الصحة العالمية تدعو الى إنشاء حسابات وطنية للصحة لأجهزة الدولة المختصة والاستفادة من تلك الحسابات للتخطيط والمتابعة للبرامج الصحية.
ولكن هناك العديد من دول العالم تفتخر بالإنفاق على الحروب والتسلح والدمار بينما يقولون إن الصحة هي قلب التنمية الشاملة وبينما تخلو التقارير الدولية عن بيانات الإنفاق على الصحة في العديد من الدول لعدم اهتمامهم بإنشاء حسابات وطنية للإنفاق على الصحة لأسباب متعددة فيجب على المنظمات الدولية أن تساعد وتدعم الحكومات في هذا التوجه المهم والضروري للتنمية والصحة.
ومن واقع خبرتي كمستشار وطني لإعداد التقارير الوطنية للمنظمات الدولية عن التقدم المحرز لتحقيق هدف التصدي لفيروس الإيدز فقد عانيت الكثير للحصول على المؤشرات المطلوبة المتعلقة بالإنفاق على الجوانب الوقائية للتصدي للإيدز بسبب تبعثر المعلومات وعدم وجود وحدة أو قسم متخصص في حساب الإنفاق على الصحة وتوزيع البنود على الأبواب المختلفة وكل ذلك كان تحديات تتكرر عند إعداد التقارير الوطنية المطلوبة للمنظمات الدولية.