مع ترقب الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة فقد آن الأوان للتخلي عن عادات كثيرة وهي ارتباط العمل والأداء بتوجيهات وإرشادات الوزير الجديد وكأنه يملك العصا السحرية للأداء المميز وسينجح على خلاف من سبقوه في المنصب وهذا في أغلب الأحيان لا يكون قريبا من الواقع. وأن مع الحكومة الجديدة لا بد أن تختفي بعض الوجوه من مقاعد الوزراء وستظهر وجوه جديدة، ومن حق من سيتركون المناصب أن نشكرهم لأن الكويت باقية والجميع زائلون، وأما بالنسبة للوزير الجديد فيجب تحصينه للوقاية من فتنة الكرسي والمنصب ولا بد أن يحصل في أيامه الأولى على خطاب موضوعي وصريح من الوزير السابق يحتوي على أكثر من التمنيات والتبريكات وأن يكتب بصراحة رسالته للوزير الجديد موضحا فيها ما الوضع في الوزارة من حيث المشاريع التي أنجزت والتي لم يتم إنجازها والخطط والأفكار، وإلى أين تسير، وما أهم الدروس المستفادة التي يستطيع التعلم منها إن أراد ذلك.
أما إن كان ذهاب وزير يعني إغلاق صفحة من إنجازات أي وزارة فهذا لا يكون عملا مؤسسيا وله تداعياته على الأداء الحكومي ككل ولهذا فإن عادة تغيير المساعدين للوزير السابق أو التنكيل ببعضهم من الوزراء الجدد أو التخلص من كفاءات بحجة أنهم عملوا مع وزير سابق فهو بلا شك عدم نضج إداري وعدم حنكة، حيث إن الوزير الجديد يجب أن يبني ويكمل على نجاحات من سبقوه وليس أن يهدم ما كان قبله. إن الوزير الجديد يجب عليه أن يتعلم من درس العفو الكريم من سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، وليترفع عن أي خلافات قبل توليه الوزارة مع أي من زملائه ويتعامل بفروسية مع الجميع وهناك بعض الوزراء الذين سجلوا إنجازاتهم بحروف من ذهب في وزاراتهم بالرغم من قصر مدة توليهم للوزارات وهناك أيضا البعض الذين تركوا أرصدة سوداء يصعب محو آثارها على مر الزمان وأثرت على الأداء الحكومي وكانوا عبئا ثقيلا على الحكومة.
إن اختيار الوزراء في مرحلة ما بعد الجائحة وفي مرحلة العفو الكريم وبوجود التحديات الكبيرة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو تعليمية أو صحية فهو بلا شك يحتاج إلى معايير دقيقة تعلو أي ارتباطات أو مجاملات فالوطن يستحق القوي الأمين للعمل لمستقبل أفضل للأجيال القادمة ويصنع من خلال الحكومات القوية والقادرة على القيام بمهام هذه المرحلة الدقيقة التي وضع عنوانها صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد عندما أصدر مراسيم العفو الكريم واعتمدها كمنهج وشعار للمرحلة القادمة مستشعرا أهمية العفو لبناء الأمم القوية ذات العلاقات المتينة بين الحاكم العادل القوي ووزرائه والشعب.
إن مرحلة العفو يجب أن تكون عنوانا بتصرفات وقرارات كل وزير يقتدي به ويتعلم من هذا الدرس فوق مشاعره فلا مجال لأي مشاحنات أو خلافات لتحقيق التنمية الشاملة المطلوبة.