تماما مثل ما نشاهده من تقارير عن العالم ما بعد «كوفيد-19» يكتبها المتخصصون وغير المتخصصين والساعين للشهرة، ومن تقارير العالم ما بعد أوكرانيا قد تختلط السياسة مع الاقتصاد وقد تنتشر الانتهازية على مستوى الدول والقادة بفعل المصالح وتوازن القوى وقد يكون للثقافة دور ثانوي، ولكن العالم بلا شك بعد أوكرانيا سيعيد التفكير في أمور كثيرة، وقد بدأ ذلك بالفعل من خلال أسلحة الحرب والدمار التي يلوح بها ومن خلال دور العقوبات ومدى فعاليتها ومن خلال المشاريع الكبرى للطاقة والغاز وسيناريوهات البدائل.
أما من حيث التعليم والثقافة فإن الحروب تضعها في آخر سلم الأولويات وهكذا الطب والصحة وضحايا الحروب من إصابات وإعاقات بين العسكريين والمدنيين وضحايا الأسلحة الفتاكة الجديدة تحت المسميات المختلفة سواء كانت أسلحة بيولوجية أو مدمرة للرئتين مثل القنابل التي تؤثر على الأكسجين في الرئتين وأسلحة الحرب النفسية أو الغازات السامة وانبعاثات الأسلحة النووية وتسرباتها من أوكرانيا ومخازنها المختلفة.
وقد واجهت البشرية أنواعا متعددة من أسلحة الدمار الشامل في حروب سابقة مثل قنابل الأنثراكس والإرهاب البيولوجي وحرب الخليج التي شغلت الأوساط الطبية والعلمية لعدة عقود بعد انتهاء الحرب وانسحاب القوات المتحاربة.
وإن ما يحدث في أوكرانيا من أساليب قتال مازالت غير معروفة بالكامل، ويجب أن تنتبه لها الأوساط العلمية والبحثية، فقد يكون لها الآثار المدمرة كالعامل البرتقالي في حرب فيتنام، ومثلما كشفت حروب أخرى عن الدمار الذي أصاب هيروشيما وناغازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية وليس ببعيد عن الذاكرة الآثار الصحية المدمرة التي نتجت عن حرب الخليج والحالات المرضية المرتبطة بها.
لذلك، فإن أوكرانيا ليست فقط ميدان قتال أو مشاحنات حول المبادئ والسياسات الدولية ولكنها مسرح كبير لعرض مسرحية سخيفة تمس العالم أجمع في الحاضر والمستقبل القريب والبعيد، ويجب أن يسدل الستار في أقرب وقت على هذه المسرحية رديئة التأليف والإخراج والعرض الممل والمنفر الذي لا يجذب أحدا سوى جماهير من الشياطين ومصاصي الدماء ومن يرغبون بدمار البشرية.