تطالعنا المواقع الإلكترونية من آن لآخر بتحذيرات من العواصف الترابية من جهات مختلفة، وبالأخص من وزارة الصحة نظرا لتكرارها في الآونة الأخيرة، والتحذيرات عادة تكون من دون توعية شاملة والاكتفاء بالتحذير منها بالتزام المكوث في المنزل وعدم الخروج دون الإشارة إلى تأثيراتها على الصحة والبيئة.
وترتبط العديد من المخاطر الصحية بأي موجة غبار قد تتعرض لها البلاد، خاصة إن كانوا من مرضى الربو أو المصابين بالأمراض الصدرية من كبار السن.
إن التصدي لتأثيرات العواصف الترابية يجب أن يكون بإجراء ونشر الدراسات العلمية المشتركة بين الصحة والبيئة، وتخصيص موقع أو منصة رقمية لنشر مؤشرات تلوث الهواء ذات العلاقة بالصحة، مما يدعونا للتفكير بتطبيق مبادرات مثل مفهوم الصحة الواحدة والتي تشمل جميع الجهات في الدولة، ولا نحتاج إلى نشر التحذيرات من وقت لآخر من وزارة الصحة فقط دون النظر للموضوع من منظور شامل، حيث إن لدينا الخبرات في البيئة والصحة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وجامعة الكويت، ويستطيعون التعامل مع هذا التحدي لما فيه المصلحة للجميع.
وقد انتشرت العواصف الترابية أو الرملية في الآونة الأخيرة، حيث إنها من الظواهر المناخية التي بدأت تتضاعف عن السابق وقد تحمل معها الفيروسات والجسيمات الدقيقة لمكونات الغبار المتطاير، مما يؤدى إلى ارتفاع تفاقم أعراض أمراض الرئة المزمنة وأمراض الرئة المفاجئة الحادة وخصوصا لدى مرضى الربو ومرضى التهابات الرئة ومرضى الانسداد المزمن في مجاري التنفس، وأحيانا ترتفع الإصابات بعدوى الأمراض الميكروبية والإصابات بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية واضطرابات إيقاع النبض.
وقد يؤدي استنشاق الغبار الرملي المتكرر والذي قد يحتوي على جسيمات غبار ثاني أكسيد السيليكون إلى الإصابة بالأمراض التنفسية الأخرى والتي تعرف باسم تغبر الرئة، وقد تؤدي لاحقا إلى الإصابة بسرطان الرئة وخاصة بين المدخنين. وكذلك لا نغفل تأثير الغبار على العيون فقد يسبب تهييج العين بما يزيد من احتمال حصول الالتهابات أو جفاف العين وكذلك التهابات حساسية الأنف وتهيج الجلد.
وهذا لا يعني أن العواصف الترابية ضارة دائما ولكن لها بعض الفوائد فهي قد تفيد البيئة البحرية وبعض الغابات. ولكن لابد من نشر الدراسات المشتركة بين الصحة والبيئة عن تأثير العواصف الترابية لتكون مرجعا للجميع وللتصدي لها والحد من انتشار الأمراض المصاحبة لها.