كلمة الوافدين تتكرر في جميع الدول والمجتمعات، إما لوصف التركيبة السكانية أو لتبرير بعض السياسات وتداعياتها أو في نطاق تجاذبات سياسية، ولكن في جميع الأحوال لا توجد دولة ولا يوجد مجتمع من دون وافدين، فهم عليهم واجبات ولهم حقوق، كما أن المواطنين يتحملون واجبات وحقوقا ليس هذا مجال عرضها، ولا يختلف اثنان على الشراكة في التنمية التي يسهم في تقديمها الوافدون مع المواطنين في جميع المجالات.
وهناك بعض المجالات التي لا تستقطب المواطنين ولا يرغبون بالعمل فيها مثل بعض الأعمال الحرفية البسيطة وخدمة المنازل والتنظيف ولكنها هامة للمجتمع.
وإن الحديث المستمر عن مجتمع الوافدين بقيمه وعاداته ليس حديثا في مجتمع محدد أو دولة محددة، ولكنه يتكرر في جميع الدول التي تستقطب الوافدين من بلادهم المختلفة، وتهيئ لهم ظروف العمل الشريف للمساهمة في التنمية.
ويجب أن تكون المناقشات حول الوافدين هادفة وليست مجرد صخب من آن لآخر وصراخ غير هادف قد تصل تداعياته إلى العنصرية أو عدم الامتثال لمعاهدات واتفاقيات حقوق الإنسان، وهو ما يؤثر على مكانة أي دولة في المجتمع الدولي وفقا للمعايير العالمية.
وإنني أدعو الجهات ذات الصلة إلى التفكير في تداعيات الأحاديث عن الوافدين في الأحوال المختلفة على مكانة الدولة في المجتمع الدولي، وحرصها على الالتزام بحقوق الإنسان والعدالة والمساواة، وهي مكانة متميزة لا يجب التفريط بها بتصريحات غير مدروسة وغير مسؤولة عن الوافدين بدون مبرر أو بمبررات غير مناسبة.
ولنتعلم من درس هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من موطنه في مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فكان أهل المدينة الأنصار مدرسة راقية في التعامل مع إخوانهم المهاجرين الذين هم بلغة عصرنا الحالي من الوافدين إلى المدينة المنورة.
إن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى وقسمه بين عباده، وكل إنسان سيحصل على رزقه أينما كان سواء كان في دولته أو في دولة أخرى، والله هو من يعطي الرزق لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء.
وإن أعمارنا محدودة وآجالنا محتومة وأرزاقنا مكتوبة، ولن ينال غيرنا شيئا من رزقنا، فالكل يموت بانقضاء أجله بعد أن يكون قد استكمل رزقه الذي كتب له.