مع اقتراب نهاية شهر سبتمبر فإن ذلك يعيد إلى ذاكرتي بداية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وخاصة في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتي عقدت في سبتمبر عام 2015 وكان قادة ورؤساء دول العالم يترأسون وفود دولهم، حيث كان وفد الكويت برئاسة المغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وانطلق من القمة التاريخية 17 هدفا للتنمية المستدامة حتى عام 2030 وتعهد القادة والرؤساء أمام العالم بالعمل على تحقيقها.
ومن بين تلك الأهداف الهدف الثالث المتعلق بالصحة، والرفاه والسعادة وجودة الحياة، وفي الواقع الصحة لم تعد تعني مجرد الخلو من الأمراض، ولكنها أسلوب حياة وعمل مستمر أكبر من إمكانيات وزارة الصحة منفردة، ولكن التعامل مع هذا الهدف والتعهد بتحقيقه لم يعط الاهتمام الكافي بالسعادة وجودة الحياة والرفاه وغابت عن خطط وبرامج الدول أي فعاليات لتقييم السعادة وجودة الحياة والرفاه ضمن مؤشرات متابعة الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
ومنذ أيام نشر موقع منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط وثيقة ضمن وثائق اجتماع وزراء الصحة بدول شرق المتوسط والذي سيعقد في شهر أكتوبر المقبل وتحدثت الوثيقة عن السعادة والرفاه وجودة الحياة ضمن الحديث عن الصحة في الهدف الثالث، وكم تمنيت أن تحذو جميع الدول حذو دولة الإمارات العربية المتحدة بإنشاء وزارة للسعادة.
وأتمنى من الإخوة المرشحين في انتخابات مجلس الأمة أن تتضمن برامجهم إنشاء وزارة للسعادة ضمن التشكيل الحكومي القادم، فهو استحقاق واجب لاستكمال خطط وبرامج الصحة والتنمية لنشر مفاهيم ومؤشرات السعادة.
وأتمنى من الباحثين بجامعة الكويت ومراكز البحوث وبمؤسسة الكويت للتقدم العلمي أن يضعوا على قمة أولوياتهم إجراء بحوث عن جودة الحياة والسعادة التي ننتظر مولدها قريبا بإذن الله.
إذا شعر الإنسان بالحرارة فإن الطبيب يقيس له درجة الحرارة، وإذا شعر بالألم في الصدر فإن الطبيب يقيس له النبض ويفحص القلب، ومن الطريف أيضا أن مستوى السعادة يمكن قياسه، فقد قرأت مؤخرا تقريرا تضمن مؤشرات السعادة، وهذا التقرير عبارة عن دراسة أجريت مع منظمة الصحة العالمية من خلال مسح صحي لأفراد المجتمع في الكويت وتحدث التقرير عن ارتفاع مستويات السعادة بين من لم يتزوجوا من الذكور، وبوجه عام كان الذكور الكويتيون أكثر سعادة من النساء الكويتيات، وكان كبار السن أقل في مستوى السعادة.
وهذه النتائج تستحق التدقيق والتفكير في كيفية رفع مستوى السعادة بغض النظر عن العمر أو الحالة الاجتماعية، لأن السعادة مكملة للصحة وهي جزء من جودة الحياة، ويجب ألا نغفل عنها.
ويجب أن يعرف ممارسو مهنة الطب أنهم يشكلون عنصرا أساسيا ليكونوا أحد أسباب السعادة مع الشفاء من الأمراض فلا بد لهم من مقابلة المرضى بالابتسامة فهي صدقة، وكذلك أن يكون التعامل مع أي مريض بلطف ومحاولة تخفيف آلامهم نفسيا قبل أن تكون جسديا لتحقيق السعادة للجميع، لأن ذلك يساعد في الشفاء العاجل من أي مرض.