الإذاعة هي وسيلة قوية للاحتفال بالإنسانية بكل تنوعها لأنها تشكل منصة للخطاب والحوار الديموقراطي وهي الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارا لقدرتها على الوصول إلى الجمهور في كل أنحاء العالم وخلقها ساحة للجميع للتعبير عن آرائهم وإسماع صوتهم للآخرين حيث إنها تقدم برامج ووجهات نظر ومحتوى يتسم بالتنوع. وأعلنت الدول الأعضاء في «اليونسكو» عام 2011 عن يوم 13 فبراير يوما عالميا للإذاعة واعتمدت ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا بموجب قرارها 12467 المؤرخ 14 يناير 2012 وشعار هذا العام «الإذاعة والسلام» لأن الرواية الإعلامية بإمكانها إذكاء نار التوتر أو تهيئة الظروف المواتية للحفاظ على السلام.
وفي وسع الإذاعة تأجيج الصراعات، لكن الإذاعة المهنية تسعى إلى تخفيف حدة النزاعات أو التوتر أو كليهما ومنع تصعيدهما أو إلى إقامة حوار في سبيل المصالحة وإعادة الإعمار وتوفر التقارير الإخبارية المستقلة والبرامج الإذاعية المناسبة في حالات التوتر القائمة سواء كانت محليا أو عالميا.
إن دعم الإذاعة المستقلة يعتبر جزءا لا يتجزأ من عملية إرساء السلام والاستقرار فهي العامل الأساسي من عوامل منع نشوب النزاعات وبناء السلام حيث ان التقارير التي تبثها تساعد على بلورة الرأي العام، وتتيح خدمات أساسية بطرحها القضايا المهمة للناس والمسائل الجديرة باهتمام السلطات والمواطنين.
ومن خلال البرامج الموضوعية فإن الإذاعة المهنية تطرح قضايا محددة لتبين الشوائب المجتمعية وأوجه الاختلال الهيكلية كالفقر والنزاعات على الموارد أو الأراضي والفساد وسباق التسلح والعنف وغيرها من المسائل المهمة للمجتمع للبحث عن الأسباب الجذرية للنزاعات وحوافزها منعا لاحتمال اندلاع أعمال العنف والتوتر. وتقدم الإذاعة منهجا بديلا لمنع نشوب النزاعات من خلال حل سوء الفهم والوقوف على المشكلات وحلها والمساهمة في التصدي للكراهية أو الرغبة في الانتقام أو الاستعداد لحمل السلاح وبذلك تعزز الديموقراطية وتوفر الأساس لإرساء السلام الدائم، وتقدم البعثات الأممية لحفظ السلام دعمها للمحطات والبرامج الإذاعية في كثير من البلدان المضيفة.
إن للإذاعة قيمتها الفريدة فيما يتصل بالجمع بين المجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابي بما يحقق السير نحو التغيير وتنوع الآراء والرؤى والأصوات بما يلبي الحاجة لمواجهة التحديات الماثلة أمام الجميع. ورغم تطور الإعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الإذاعة لم تفقد بريقها تماما، بل مازالت لها مكانة خاصة عند البعض الذين يحرصون على متابعتها باستمرار والاستفادة من كل المواضيع التي تطرح من خلالها.