نسمع من وقت لآخر عن الحكومة الإلكترونية واحترام وقت المراجع وتبسيط الإجراءات في المعاملات وغير ذلك من الكلمات الجميلة والوعود البراقة، ولكن وللأسف فإن الواقع في المعاملات الحكومية يختلف تماما عن تلك الشعارات وكأن الدوائر الحكومية في حالة عداء وتربص بالمراجع وتمارس معه أبشع أنواع التعذيب بحجة القانون والإجراءات وهي حجج واهية.
وهناك اختلاف كبير بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي في أسلوب التعامل مع المراجع باعتباره إنسانا، فبينما تجد المؤسسات الخاصة تتفنن في إرضاء العميل وجذبه وتسهيل معاملاته بل والتعرف على رأيه من خلال استبيانات دورية مستمرة للتعرف على مواطن الخلل في الخدمات والعمل على حل أي مشاكل أو معوقات قد تؤثر على رضاه عن المؤسسة إذ أن احترام المراجع والتعرف على رأيه والعمل على حل مشاكله ومقابلته والاستماع له هو أبعد ما يكون عن التفكير والاهتمام في المرافق الحكومية وكأن الموظف يعاقب المراجع ويلقنه درسا لن ينساه سواء في الصحة أو التربية أو الداخلية أو أي مرفق حكومي يتم التعامل به مع أفراد المجتمع بصفة مباشرة بجميع طوائفه وجميع الأعمار.
وتوجد الأمثلة الكثيرة التي نخجل أن نعددها هنا ومن النادر أن نجد في مرفق حكومي من يتفانى في خدمة المراجع أو السهر على راحته أو تقديم المساعدة لكبار السن، وهي بالواقع حقوق مشروعة لكل إنسان وكل مراجع بل إن بعض المسؤولين يتهربون من مقابلة المراجع بحجة الاجتماعات أو الأعمال الرسمية ويضطر المراجع للانتظار على باب المسؤول لعدة أيام لإنجاز معاملة قد يستغرق الوقت لإنهائها خمس دقائق فقط أو أنها تحتاج إلى توقيع فقط من المسؤول.
إننا بحاجة إلى تطوير سريع لأسلوب التعامل مع المراجعين في الجهات الحكومية وتبسيط الإجراءات بالإضافة إلى منع استخدام الهاتف عند التعامل مع المراجع حتى لا تحدث الأخطاء في المعاملات وحتى يشعر المراجع بالاحترام ويكون التعامل راقيا ومريحا ولا نترك بعض الموظفين من المرضى النفسيين وضعاف النفوس أن يتعاملوا مع المراجعين بكبرياء وتعال وأن يتوافر نظام مستمر لرصد آراء المراجعين والتعرف على شكواهم والعمل على تفادي تكرارها مستقبلا حتى لا تنتهك حقوق أي إنسان راجع أي مرفق حكومي.
وأتمنى أن أرى دراسات عن آراء المراجعين بالخدمات الحكومية المختلفة مثل ما تحرص عليه مؤسسات القطاع الخاص كالفنادق والبنوك والشركات بتوزيع الاستبيانات والاهتمام بآراء المراجعين والعملاء وأن يتبنى جهاز متابعة الأداء الحكومي إجراء دراسات مستقلة ومحايدة لرصد آراء المراجعين وتحديد مواطن القصور والخلل وإعادة تخطيط إجراءات الخدمات الحكومية بما يتناسب مع حقوق الإنسان حتى نستطيع تطوير الأداء الحكومي وبما يعود بالفائدة على أفراد المجتمع ويحقق الرفاهية للجميع كما نصت عليه الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.