فوجئت بأن الصحف تتداول خبرا عن قيام الجمعية الطبية الكويتية بإصدار مشروع قانون جديد لتنظيم مزاولة مهنة الطب وطب الأسنان والمهن المعاونة لهما ليكون بديلا عن المرسوم بالقانون الحالي رقم 25 لسنة 1981، وقد أدهشني الخبر لأننا كأعضاء بالجمعية الطبية الكويتية لم يصلنا مشروع القانون بل وصل للصحف والإعلام بينما كان من الأنسب أن يناقش بدقة في البيت الطبي أولا حتى تتاح الفرصة لجميع الأعضاء بإبداء الرأي فيه لأنه سيؤثر على المسيرة المهنية لعدة سنوات قادمة ويجب ألا تغفل الجمعية الطبية رأي الأطباء.
وكم تمنيت ألا يصدر هذا المشروع بصورته، فقد أزعجني أن أجد في بعض المواد مفاجآت غريبة على المجتمع الكويتي وأخلاقياته وثقافته مثل المواد المتعلقة بالحمل خارج إطار الزواج وبنوك الحيوانات المنوية وتصحيح الجنس وإنهاء حياة المريض ورفع أجهزة الإنعاش إلى جانب العديد من المواد الأخرى التي تضمنت الوصاية على وزير الصحة من خلال ما ابتدعه المشروع بمسمى المكتب الفني ومن خلال نقل العديد من صلاحيات وزارة الصحة ومسؤولياتها إلى الجهات غير الطبية بوزارات أخرى مثل وزارة المالية ووزارة العدل.
وتملكتني الدهشة من استحداث كيانات إدارية جديدة تعمل بمعزل عن الرقابة المسبقة من المناقصات المركزية وديوان المحاسبة ولها شخصية اعتبارية مستقلة وذمة مالية مستحقة.
وتم إعداد هذا المشروع بدعم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ومركز الكويت للسياسات العامة، والذي لا أعلم عنه شيئا من قبل ولم أتشرف بنشاطاته وإسهاماته في السياسات العامة ونوعية هذه السياسات ومجالاتها.
وأعتقد أن معظم زميلاتي وزملائي الأطباء لم يشاركوا بالرأي في دراسة هذا المشروع ولم يقدموا خبراتهم في إعداده بالرغم من أنه يمس الجسم الطبي بأسره، ومن الطبيعي ألا يخرج للمداولات خارج إطار الجمعية إلا بعد الاتفاق عليه من الجمعية العمومية وجميع الأطباء بالكويت ممن لهم خبرة وصلة بالمواضيع المطروحة وخصوصا جمعية طب الأسنان والروابط الطبية بالإضافة إلى ممثلي المهن الطبية المساندة وفي مقدمتها التمريض والعلاج الطبيعي والمختبرات.
وأتمنى على الزملاء الذين اجتهدوا في إعداد هذا المشروع أن يسيروا في الاتجاه الصحيح بنشره على الموقع الإلكتروني للجمعية الطبية الكويتية وطرحه للأطباء للحوار ولإبداء الرأي والتعليقات بشفافية كاملة ثم تكليف مجموعة منهم بالاستفادة من هذه الآراء لإعداد نسخة جديدة من المسودة، حيث إن المشروع بصورته الحالية لا يعتبر إضافة بل تراجع في مزاولة المهنة ويتعارض مع قيم ومبادئ المجتمع وطموحات الأطباء والمرضى.
وإن إعداد مشاريع القوانين يجب أن يكون من خلال المسارات الصحيحة وليس من خلال الاجتهاد أو النقل الحرفي من مشاريع دول أخرى قد تختلف ظروفها وقوانينها عن الكويت بالإضافة إلى احتواء ديباجة المشروع على قوانين غير موجودة بالكويت مثل قانون التدليك الطبي وبنك العيون.