عندما يكون الإنسان محبا لوطنه وعاشقا لترابه فلا بد أن يكون متابعا نشطا لأمور وطنه وغيورا عليه وعلى أحواله ومتطلعا إلى رؤية وطنه وأبناء الوطن في المقدمة بين الشعوب والأمم.
ومن ثم فإن حب الوطن يجعل الإنسان خفيرا غيورا على وطنه، وهذا ما يجب أن نربي عليه الأجيال المتعاقبة تماما مثلما تعلمنا من والدينا وكبارنا.
وإن اهتمام المواطن بالشأن العام وفرط المتابعة يجب تشجيعه وتنميته لأن دستور الكويت والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان قد اهتمت بحقوق التعبير والمشاركة في الحياة العامة، ولا يمكن تصور مواطن أصابه الإحباط واليأس فأصبح منفصلا عن متابعة الشأن العام للوطن بكل ما تعنيه كلمة الشأن العام من تعليم وصحة واقتصاد وتنمية.
وإن الشعوب التي تتنفس الحرية وتنعم بأجوائها الصحية تصبح شعوبا قوية في التعليم والصحة والاقتصاد والتنمية، أما الشعوب التي تعيش أجواء قمعية فإنها تصبح كالعبيد الذين لا يملكون لأنفسهم شيئا بل وقد لا يستحقون الحياة.
تلك القيم يجب أن تسود وتنتشر ويدافع عنها الصغير قبل الكبير لأنها ترتبط بالوطن والمواطن ولا يجب التفريط بها أو السماح بالمساس بها تحت أي ذريعة أو ادعاء.
وعلى كل من يتحمل مسؤولية عامة في أي موقع أن يعرف جيدا أنه جاء لخدمة المواطنين وأن يستمع لهم ويعمل على حل مشاكلهم ووضع الحلول لها في أجواء صحية، أما من يضيق صدره من المسؤولين أو لا يستمع ويصغي لآراء من يتشرف بخدمتهم فالأولى به أن يجلس في بيته بهدوء تام لأن المسؤولية لخدمة الأمة تكليف وليست تشريفا.
ولا يمكن لمن يتولى مهنة الطب أن يشخص المرض دون أن يستمع لآلام وأنات المريض، بل إن طبيب الأطفال يتحمل الطفل المريض إذا تقيأ على ملابسه أو لوثها بحفاظاته غير النظيفة من أجل تشخيص الحالة وكتابة العلاج.
وكذلك الطبيب الناجح لا يعزل نفسه عن مرضاه حتى لو كانوا مرضى نفسيين أو ذوي إعاقات أو أوبئة، وهكذا تعلمنا ومارسنا الطب وبنجاح.
وهذا لا يعني أن جميع الأطباء يتحلون بنفس القيم، فقد أصبحت مهنة الطب تضم نماذج لمن يصمون آذانهم عن شكاوى المرضى ويعزلون أنفسهم عن أناتهم فيكتبون بأنفسهم صكوك فشلهم الذريع كأطباء وكمسؤولين عن صحة وحياة مرضاهم، بل إنهم بذلك يصبحون مرضى بمتلازمة الفشل غير الصحي.