منذ أن التحقنا بالدراسة في كلية الطب حرص الأساتذة في جميع التخصصات ومن جميع الجنسيات على الإسهاب في شرح حقوق المرضى التي يجب أن نصونها خلال ممارسة المهنة، بل إن أحد أساتذة القانون له مقولة مشهورة وهي أن الحق في الخصوصية يعلو غيره من الحقوق، وإنه حق دستوري يجب على من أقسم على احترام الدستور والقانون أن يكون قدوة في المحافظة عليه.
وفي المجتمع الطبي يجب على كل طبيب مهما كان موقعه على الهرم الوظيفي أن يحافظ على خصوصية المرضى ويدخل في ذلك ضوابط تصوير المريض أثناء تلقيه العلاج، فلا يجوز نشر صور المريض إلا بعد أخذ إذن مكتوب منه بالموافقة على التصوير ونشر الصور وسواء كان على فراش المرض، وقد يكون في غير الصورة المعروفة عنه، أو أثناء إجراء أي فحوصات له كالمناظير أو العمليات.
وقد كان من إنجازات وزير الصحة السابق الإنسان د.جمال الحربي أنه أصدر بقرار وزاري لائحة لحقوق المرضى وخاصة الحق في الخصوصية فكانت إضافة على ما نص عليه المرسوم بالقانون رقم 25 لسنة 1981 في شأن تنظيم مزاولة مهنة الطب.
وفي الواقع، فإنني أصاب بالدهشة الشديدة عندما أرى بعض وزراء الصحة المبتدئين في بعض الدول النامية وبعض الأطباء الاستشاريين يقومون بالتصوير مع المرضى وهم على فراش المرض، ولا أعلم إن كانوا قد أخذوا الموافقة الخطية من المريض أم لا حيث إن التصوير مع المرضى وهم على سرير المرض لن يضيف للعلاج أي شيء ولن يغير خطة العلاج له إلا أن ذلك يكون دعاية رخيصة لتسويق الأداء السياسي.
وأعتقد أن ذلك لو حدث مثلا في احدى الدول المتقدمة، فلا بد من أن يقوم الطبيب بتوضيح أنه لم ينتهك حقوق المريض وسيقوم بمؤتمر صحافي يشرح فيه الموقف بأكمله.
ولو تم تصوير أحد المرضى من أقاربي أو أصدقائي فإنني لن أتردد في تقديم النصيحة له لاسترداد حقه لما قد يصيبه من ضرر مادي وأدبي ويؤثر بالتالي على حالته الصحية لنشر صوره وهو مريض وفي حالة لا يرغب في أن يراه الجميع بها لأنه على سرير المرض يرغب في العلاج وليس لتصوير أي فيلم أو دعاية أو حلقة من مسلسلات رمضان.
وكذلك بالنسبة لتصوير الاطفال وهم على سرير المرض فلا بد من ضوابط لحماية حقوق الطفل، بالإضافة إلى حماية خصوصيته ولا بد من أن نحافظ على جميع حقوق المرضى وحقوق الإنسان وخاصة الحق في الخصوصية التزاما بمكانة أي دولة في المجتمع المدني.