«الظلم ظلمات يوم القيامة»، اتفقت الشرائع على مقت الظلم وخسته سواء كان مع الإنسان أو الحيوان أيضا، وهذه القاعدة لا تستثني أحدا من الناس ويشتد الوعيد على من استغل قوته أو مكانته أو سلطته في ظلم العباد وخير دليل على ذلك نهاية فرعون عندما تجبر وطغى، قال تعالى: (فانظر كيف كان عاقبة الظالمين.. يونس: 39) وكذلك قصة ثمود عندما قال الله تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون.. النمل: 52). فظلم العباد هو من أسرع موجبات الهلاك والدمار للمجتمعات وفي التاريخ عبرات كثيرة على ذلك. والله يمهل عباده الظالمين مما يجعلهم يغترون ويبطشون أكثر ويتمادون في الظلم ولكن يجب أن يعلم كل ظالم أن له يوما لا يخلفه إذ قال الله عز وجل: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار» إبراهيم.. 42). وقال تعالى: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. الشعراء: 227). وهناك العديد من آيات الله الدالة على تحريم الظلم حيث إنه يعتبر معصية أشد من غيرها من المعاصي لأن الظلم غالبا يقع على الآخرين الذين لا يستطيعون الانتصار على الظالم ولكن الله سينصرهم ولو بعد حين. والظلم هو سبب المحن والفتن والهلاك والبلاء في هذه الدنيا وكم من أقوام طغوا فعذبوا وأهلكوا وكم من أناس أسرفوا في الظلم والطغيان فكانت نهايتهم الهلاك والخسران. ويؤثر عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: أخوف ما أخاف من رجل لا يجد له ناصرا إلا الله!!! فالسماوات تنفرج لدعوة المظلوم (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.. النمل: 62). فالعادلون في أقوالهم وأفعالهم وأحكامهم ومعاملتهم مع الجميع والمنصفون للآخرين حتى من أنفسهم فإنهم يمشون على نور بين الناس وأما الظالمون فهم في ظلمات لا يبصرون غير أنفسهم ولا يحسون إلا بمصالحهم ولا يشعرون بالآخرين. وما أكثر القصص في التاريخ عن الظالمين فهي خير دليل على أن الله لا يفلتهم، قال تعالى: (وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد.. هود: 102) لذلك ليأخذ الجميع العبرة والعظة من الأمم السابقة فكل من تجبروا وطغوا وظلموا أهلكهم الله ونصر المظلومين، فنصيحتي لكل ظالم أن يتقي الله في نفسه ويترك الظلم والطغيان وليعلم أن دعوة المظلومين مستجابة وليس بينها وبين الله حجاب. اللهم أجرنا من الظلم والظالمين واجعلنا بالعدل قائمين وأنر لنا طريق جنات النعيم وخاصة أننا على أبواب شهر البركة وشهر الصيام وكل عام وأنتم بخير.