العفو والصفح من أكرم الخصال التي دعانا الله سبحانه وتعالى إلى الحرص عليها، إذ قال سبحانه في كتابه الكريم (وأن تعفوا أقرب للتقوى ـ البقرة: 237)، ولا يعتبر العفو ضعفا في الشخصية كما يعتقد البعض.
ولكن العفو هو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء وهذا لا يمكن أن يكون إلا ممن تمسك بالأخلاق الحميدة لأنه يعتبر متاجرة مع الله عز وجل، إذ أن من يعفو عن عباد الرحمن فهو يحسن إليهم رحمة بهم وكراهة لصول الشر عليهم ويكون أجره على الله الكريم.
وقال تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ الشورى: 40).
فإن الله يجزي من يعفو عن الآخرين أجرا عظيما وثوابا كبيرا.
والعفو من صفات العزة يوم القيامة لأنه ترك معاقبة كل من يستحق العقوبة وأنت قادر على عقوبته فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثلاث ـ والذي نفسي بيده ـ إن كنت لحالفا عليهن: لا ينقص مال من صدقة، فتصدقوا، ولا يعفو عبد عن مظلمة، إلا زاده الله بها عزا يوم القيامة، ولا يفتح عبد باب مسألة، إلا فتح الله عليه باب فقر». ولا بد أن يكون الهدف من العفو هو الإصلاح فإن لم يتحقق الإصلاح مع تكرار العفو وتمادى المسيء في إساءته إلى درجة تتسبب في الأذى البالغ للمساء إليه فهنا يجب الأخذ بالحق والمطالبة بعقوبة المسيء.
وذكر الله تعالى في كتابه الحكيم أن الجزاء من جنس العمل فمن عفا وأصلح فإن الله يعفو عنه ومن يغفر لأي مذنب فإن الله يغفر له ومن يصفح عن الآخرين فإن الله يصفح عنه، قال تعالى: (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ـ النور: 22).
ولذلك خاصة أننا في شهر مبارك وهو شهر الصيام والذي يصوم فيه كل شخص عن الأذى وليس عن الطعام والشراب فقط، فلابد لكل شخص أن يراجع أعماله ويكف عن أذى الآخرين ويعفو ويصفح عن أي شخص أساء إليه عن قصد أو غير قصد ويكف كل ظالم عن ظلمه للضعفاء حتى تسود المحبة والسلام بين الجميع ولنرقى ونفوز بالجنة والثواب الكبير من الله سبحانه وتعالى.