كم كان المشهد بديعا ويشرح الصدر أن يلتقي قادة الدول الخليجية والعربية والإسلامية في مكة المكرمة في رحاب العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
وهذه مبادرة كريمة من خادم الحرمين الشريفين ويجب ألا تتوقف لأن مجرد اللقاء بينهم يعني الكثير خاصة أنها رسالة للعالم أجمع بأن الدول الإسلامية والعربية والخليجية ما يجمعها أكثر مما يفرقها وعندما تستشعر أهمية الحدث فإنها تلبي النداء ويكونون كالجسد الواحد ويلتفون حول بعضهم ولا يفرقهم أي سبب من الأسباب.
وقد أجمع كل من تحدث في القمة وفي مقدمتهم صاحب السمو حفظه الله ورعاه على دقة الظروف الإقليمية وجسامة التحديات وضرورة تحكيم العقل والحكمة وتفادي أي توترات أو مشاحنات من أجل سلام الشعوب بما فيها من أطفال ونساء وكبار السن الذين يجب عدم ترويعهم بشبح الحرب التي مازلنا حتى الآن نعاني من تداعياتها وويلاتها نفسيا ومعنويا واقتصاديا واجتماعيا ولا نرغب أن تهدر ثرواتنا في مغامرات طائشة ومتهورة.
ومن يتأمل في وجوه من حضروا القمة ويستمع لنبرات أصواتهم وأحاديثهم فإنه يستشف أنهم كارهون للحرب والجميع يتطلعون للسلام وإطفاء جمرة التوتر حماية للأرواح والموارد ولا يرغب أي حاكم أن يكتب عنه في صفحات سوداء في تاريخ البشرية أنه قد عمل على تأجيج الحرب، حيث إن أي حاكم يشعل الحروب فإن مصيره معروف كما علمتنا دروس التاريخ القديم والحديث فسوف يهلك ويهلك الجميع معه، أما الحاكم الذي يدعو للسلام فإن شعبه يحبه ويثق به وبحكمته.
وإن الحروب يترتب عليها الدمار وهو من أسباب التغيير في أنظمة الحكم لذلك فإن صوت العقل والحكمة يجب أن يعلو خلال الفترة القادمة ويجب أن نفهم من القمم الثلاث في العشر الأواخر أنها رسالة سلام وليست استعراضا للقوة أو استنفارا للشعوب أو دق الطبول للحرب ولا بد من فهم القمم الثلاث في سباق العقل والحكمة وبعيدا عن الرعونة وتأجيج التوتر في منطقة بها احتياطي ثروات العالم من الطاقة ويطمع الكثيرون في ثرواتها بل يحسدون شعوبها على ما حباهم به الله تعالى من رزق قد يذهب أدراج الرياح إن لم تسد حسابات العقل والمنطق والحكمة وهو ما دعا إليه أمير الإنسانية في خطابه التاريخي أمام قمة العشر الأواخر.
وأرجو منا جميعا في هذه الأيام المباركة أن ندعو بأن يجنبنا الله عز وجل الحروب وتداعياتها والتوترات التي قد تصيب الشعوب لأنه وبلا شك لا يحب أي قائد ممن حضروا قمة العشر الأواخر أن يكون شريكا في قرار إشعالها لا قدر الله.