عند زيارتي للمركز الإسلامي في باريس ذهلت بالمساحة الكبيرة التي يحتلها إذ ان الأرض التي يقع عليها كانت هبة من الحكومة الفرنسية وهو يشمل المسجد الكبير، بالإضافة إلى مطعم للأطعمة العربية الحلال وخاصة الأطباق المغربية وحمام تركي، وأعجبت بالمسجد الكبير فهو يعتبر من أكبر مساجد فرنسا وشيد من قبل مهاجري أفريقيا الأوائل في فرنسا وأغلبهم من الجزائر والمغرب بتمويل فرنسي وتكريما للجنود المسلمين الذين دافعوا عن فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية ودشن افتتاحه في 15 يوليو عام 1926 من طرف الرئيس الفرنسي آنذاك دومارغ والسلطان المغربي مولاي يوسف بن الحسن.
ويحتوي هذا المسجد على مكتبة وغرف الصلاة وحديقة خارجية وتقام فيه الصلوات كلها وصلاة الجمعة والعيد، بالإضافة إلى تحفيظ القرآن الكريم والدروس الدينية ودورات لإعداد الأئمة.
وقد كان المسجد الكبير يعتبر مكانا للمسلمين المتواجدين في فرنسا أثناء الاحتلال النازي، بالإضافة إلى تزويد العائلات اليهودية بالطعام وقد آوى حوالي 1600 من اليهود الفارين من النازيين وقدم لهم الحماية وكان يتم تزويدهم بهويات بأنهم مسلمون لحمايتهم من القتل على أيدي الاحتلال النازي، وهذا دليل على سماحة الإسلام وحمايته للعزل من القتل والبطش.
وهذا الصرح الإسلامي مساحته 7500 متر مربع وبني على أنقاض مستشفى الرحمة الذي تم نقله سنة 1911 إلى مكان آخر، وترتفع المئذنة فيه إلى طول 33 مترا وفي المدخل الرئيسي توجد به حديقة مساحتها 3500 متر مربع وفيها نافورة، بالإضافة إلى البستان من الأشجار الجميلة، ويغلب الطابع الأندلسي المغربي على الهندسة المعمارية للمسجد وهي مستوحاة من الفن الأندلسي بمدينتي فاس ومراكش.
ويوجد على يمين المحراب منبر قدم هدية من الملك فؤاد ملك مصر، والفقيه والشاعر أحمد سكيرج هو ناظم الأبيات الشعرية المنقوشة داخل وخارج المسجد.
والمطعم الموجود في المركز الإسلامي يقدم اللحوم الحلال والأطعمة المغربية والحلويات الجزائرية، بالإضافة إلى الشاي المغربي المعروف بجودته.
أما الحمام التركي فقد بني على الطراز العثماني ويعتبر مكانا للاسترخاء والتدليك والمساج مثل باقي الحمامات التركية.
وقد تعاقب على رئاسة المسجد عدة شخصيات بداية من قدور بن غبريط من مؤسسي مسجد باريس وأول مدير له من سنة 1922 حتى 1954، وبعد وفاة قدور، خلفه ابن أخيه أحمد بن غبريط حتى عام 1956 ثم حمزة بوبكر حتى عام 1982 وبعده عباس ابن الشيخ الحسين حتى عام 1989 وقد قام خلالها بإصلاحات في المسجد.
ثم ترأس المسجد تيجاني هدام حتى عام 1992 وبعد ذلك تولى دليل بوبكر رئاسة المجلس الفرنسي للديانة المسلمة وهي الجهة الممثلة دينيا للمسلمين لدى السلطات الفرنسية.
إن هذا المركز يستحق الزيارة من الجميع للاطلاع على الفن الأندلسي والاستمتاع بالطعام المغربي والاسترخاء في حمامه التركي.