نصادف في حياتنا اليومية أنواعاً متعددة من الناس فمنهم من نعتز به ونتعرف عن قرب على مواقفه الطيبة والكريمة والنبيلة ونلمس فزعته الصادقة لإغاثة مظلوم أو لمواساة مكلوم ومنهم من لا ننساهم لبطولاتهم الزائفة وهم خريجو مدارس النذالة.
نعم خريجو مدارس النذالة دون تهويل، إذ ان منهم من تقف جنبه في العديد من المواقف بصدق وإخلاص ولكن عندما تحتاج منهم إلى الوقوف معك ورد الجميل فإنهم يختفون تماما أو كأنهم «فص ملح وذاب»، كما يقول المصريون، ويبتعدون عن نصرة الآخرين وإعانتهم وبهذا السلوك فإنهم يكتبون بأنفسهم نهاية أي تقدير أو احترام لأنفسهم لأن الإنسان يُعرف بالمواقف وليس بالكلمات المعسولة.
إن هذه البطولات الزائفة لا ترتبط بالسن أو المنصب أو مستوى التعليم أو الثقافة أو المستوى الاجتماعي، حيث إن مواقف الإنسان في الحياة مع الآخرين تعبر عن تربيته وأخلاقه وأمانته.
وقد حكت لي إحدى الصديقات عن تقاعس إحدى الشخصيات عن شهادة حق واجبة واختفائها دون مبرر عندما كان يجب أن تقف بموقف شهم وفاعل وأمين ولكن للأسف فإن هذه الشخصية ضربت نموذجا من النماذج غير السوية التي نراها أحيانا في حياتنا اليومية ونتمنى أن تختفي من حولنا.
إن شهادة الحق عظيمة ولها أجر عظيم ولكن إخفاءها للحصول على منصب أو للتملق من المسؤولين فإن عقوبة ذلك شديدة في الدنيا والآخرة.
إن من يسعى للتملق وإخفاء الحقائق لمنفعته الشخصية يكون انتهازيا ويتقبل الإهانات لأنه ليس أهلاً للثقة والأمانة ويسيء لنفسه وللمجتمع كله لأنه يبتعد عن الآخرين في المواقف التي يجب أن يقف فيها موقف الشهامة.
إن صاحب البطولات الزائفة يعيش في ذل ومهانة لحرصه على أغراضه الشخصية وقبوله لتحمل أي شيء ليظل سيده الذي يتملق له راضيا عنه ويحقق المكتسبات والإنجازات التي يحصل عليها من سيده ولا يمكن أن ينالها إلا بالطرق غير المشروعة.
ولكن هل يستمر الوضع على ذلك؟ لا لن يستمر لأن المظلوم هو صاحب حق ودعواته لن تجعل الظالم يهنأ في حياته لأن دعوات المظلوم مستجابة والظلم ظلمات يوم القيامة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح أمرهم بالقطيعة فقطعوا أرحامهم وأمرهم بالفجور ففجروا وأمرهم بالبخل فبخلوا» فقال رجل: يا رسول الله وأي الإسلام أفضل؟ قال: «أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك»، والحديث القدسي: «يا عبادي إني قد حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظلموا».
أدعو الله أن يحمي الجميع من أصحاب البطولات الزائفة والمتملقين والظالمين وينصر جميع المظلومين.