أسأل نفسي مرارا عن مخترع أسلوب العمل بواسطة اللجان وأتساءل دائما عن الأعداد الهائلة من اللجان التي تولد داخل مؤسساتنا يوما بعد يوم ولا نعرف سبب تشكيلها أو سبب وجود البعض بها دون الآخرين.
وفي كثير من الأحيان لا نسمع عن أي إنجازات لهذه اللجان أو أي إضافات للعمل، حيث إنه لو أدت اللجان 10% من اختصاصاتها لأصبح لدينا جهاز إداري مثالي ونموذجي يمكن أن نتباهى به بين الدول، ولكن الفوضى في تشكيل اللجان والمجاملات في اختيار الأعضاء بها للاستفادة من المكافآت الخاصة بها جعل لدينا مرضا إداريا في معظم مؤسساتنا يسمى مرض اللجان التي إن تمت مراجعة جدواها وأعمالها وإنجازاتها بمهنية وموضوعية فسنرى أن المصلحة العامة في واد بعيد عن اهتماماتها وخصوصا تلك التي ترتبط بالبدلات والمكافآت، إذ أصبحت مكافآت اللجان حقا مكتسبا للعضوية بها.
وكذلك لو بحثنا في السيرة الذاتية لبعض أعضاء اللجان لوجدناها بعيدة كل البعد عن مهمة اللجنة، إذ أن البعض لا يملك التخصص أو الخبرة في مجال عمل اللجنة.
وإنني أتساءل عن الجهة التي تضع ضوابط ومبررات تشكيل اللجان وضوابط العضوية وضوابط صرف المكافآت والبدلات للأعضاء، حيث إنه لو أجرت وزارة المالية وديوان الخدمة المدنية دراسة استطلاعية عن اللجان في مؤسساتنا وتكلفتها من المال العام لاستطعنا وضع أيدينا على باب كبير يمكن أن يكون مدخلا لإصلاح أي خلل إداري في مؤسساتنا، حيث إن بعض اللجان لا مبرر لوجودها في معظم الأحيان وتكاليفها كبيرة وعبء على المال العام بالإضافة إلى أن هناك بعض الإدارات التي تتداخل وظائفها مع عمل اللجنة، فلذلك يمكن تجنب تشكيل اللجان بتوكيل الموضوع المطلوب بحثه للإدارة المعنية بذلك وتحديد الفترة المطلوبة للحصول على أي تقرير خاص بأي موضوع يجرى بحثه.
وأرجو من كل مسؤول قبل توقيعه على قرار تشكيل أي لجنة أن يسأل نفسه ماذا ستضيف هذه اللجنة لعمل المؤسسة؟ ومن هم أعضاء اللجنة؟ وماذا ينتظر منهم من إنجازات؟ وما تكلفة اللجنة على المال العام؟ وما جدواها وما مدة عملها؟، وبعد الحصول على الإجابات المقنعة فإن عليه أن يتابع عمل اللجنة ولا يتركها لأهواء أعضائها لأنه يتحمل المسؤولية أولا وأخيرا. وبذلك نستطيع إغلاق أحد أبواب الهدر في المال العام وهو باب اللجان العشوائية والشكلية بهدف تبرير بعض الأمور والمصالح الضيقة.