هل يمكن أن نتصور اختفاء العدالة والقانون عن حياة البشر والعودة إلى عصر شريعة الغاب؟ وماذا لو اختفت من حياتنا قوانين التملك والإرث والجزاء والعقوبات وقانون المرور؟ وماذا لو اختفت القوانين الدولية في التعامل بين الدول؟ وماذا لو اختفى القضاء وغيره من آليات ونظم تطبيق القوانين والسلطة التشريعية التي تقوم بتشريع القوانين بعد حصر حاجة المجتمع؟
إن كانت كل هذه الافتراضات من الخيال ومستحيلة التحقيق فإن القانون والعدالة يجب أن يسودا حياتنا جميعا وأن نعلّم الأجيال القادمة والمتعاقبة أن أعظم إنجازات البشرية ليست في اختراع الكهرباء أو السيارة والطائرة فقط، بل اختراع القوانين ووضع أسس لتطبيق العدالة وإعداد متطلبات تحرّي العدل لا تقل أهميتها عن اختراع الحاسوب وغيره من الأمور التي استفاد منها البشر.
إن القانون وتطبيقه على الجميع دون تمييز يجعل العدالة تسود المجتمع وعندئذ يطمئن الجميع ويهنأون بالسكينة والاطمئنان لأن الجميع يحترم القانون.
إن المسؤول عن تطبيق القانون لابد أن يتحرّى العدل خوفا من الظلم بما قد يترتب عليه من ضحايا لن يملكوا سوى دعاء المظلوم وهو الدعاء المستجاب.
فكم من دولة سقطت بسبب الظلم؟ وكم من مسؤول فقد جبروته بسبب الظلم؟ وكم من معارك حسمت لصالح مظلومين لم يملكوا من قوة سوى قوة دعاء المظلوم؟ وكم من الدروس الحية التي نعيشها يوميا حول العدل ومحاربة الظلم؟ ولكن للأسف الشديد إن فتنة السلطة تعبث ببعض النفوس الضعيفة وتجعلهم يعتقدون أنهم فوق القانون، وبعد ذلك يكتشفون خطأهم لأن قانون السماء أقوى من قانون البشر.
وعندما تنتزع من بعض المسؤولين مناصبهم فإنهم يتذكرون العدل ويتغنون بأهميته ويتناسون كيف كانوا سببا في ظلم الكثيرين من المرؤوسين قبل انتزاع مناصبهم منهم.
فاتقوا دعوة المظلوم لأن الله ذكر لنا أنها ليس بينها وبين السماء حجاب، ولا تنسوا أن تعدلوا دون تمييز لأن العالم بلا قانون أو عدالة يكون أقرب لعالم الغاب.