نتوقع دائما ممن يتولى موقع المسؤولية في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أن يكون مثلا أعلى للعاملين معه في الإخلاص والدقة والمثل العليا والأخلاقيات؛ لتتعلم منه الأجيال القادمة وتسود روح الألفة والتعاون بينهم لتحقيق جودة أداء المؤسسة.
وبذلك يتقلد المسؤولية الصادق الأمين المخلص، ولكن ما نلاحظه أحيانا من وقت لآخر من تصرفات بعض المسؤولين في التعامل مع أي نقد بناء أو مع أي شكاوى يجعلنا نعجب، إذ يلجأ المسؤول إلى النفي العنيف جدا والتكذيب لكل ما قد يثار من شكاوى على الرغم من وجود الأدلة والبراهين على ذلك.
وبعض المسؤولين وللأسف الشديد يلجأون إلى اختيار أساليب النفي الشديدة، وأحيانا تصل بعض تصرفاتهم إلى مهاجمة المنتقدين وملاحقتهم والفتك بهم حتى لا يتكلمون مرة أخرى بدلا من دراسة الشكوى والملاحظات ومحاولة الاستفادة منها، لإصلاح الخلل وتقويم الاعوجاج، وتطوير نظم العمل للقضاء على السلبيات، ومن ثم محاسبة المتسببين بهذه السلبيات.
وقد يلجأ بعض المسؤولين إلى طمس الحقائق ومحاولة حجب أشعة الشمس الساطعة عنها بأساليب خادعة لا تلقي اهتماما بالمصداقية أو بحق النقد الموضوعي.
وعندما يلجأ المسؤول إلى صم أذنيه عن الاستماع للنقد البناء وتتملكه حالات النفي والرفض والدفاع الهجومي فإنه بذلك يكتب نهايته بنفسه دون أن يعلم ويبدأ العد التنازلي للإطاحة به من رؤسائه ومرؤوسيه؛ لأن الابتعاد عن الصدق يفقده رصيد المصداقية والكفاءة والمقدرة على تحمل الأمانة بأي موقع وبأي مستوى من مستويات المسؤولية، حيث إن المسؤول غير الصادق ومنتهج الأساليب الملتوية يصبح عبئا على المرفق سواء كان مرفقا حكوميا أو خاصا، ولن يبنى أي تقدم أو إنجاز إلا بصدق من يتحمل المسؤولية.
وأقترح عندما يتولى أي مسؤول مسؤوليته فمن الأفضل تزويد كل مرفق من المرافق بجهاز كشف الكذب ووضعه بالقرب من مكتب المسؤول ونشر ما يسجله الجهاز أولا بأول بكل شفافية، حتى يتعرف الجميع على الصادق من غير الصادق في جميع المواقع المختلفة واستبعاد من لا يكون صادقا منذ بدايته، لأن تطوير المؤسسة والبلاد يحتاج إلى الصدق في المقام الأول حتى يمكن معالجة جميع السلبيات والنهوض بالبلاد.