أعلن في 3 ديسمبر عام 1967 عن نجاح أول عملية جراحية لزرع قلب بشري في جنوب أفريقيا قام بها الجراح برنارد مع فريق من الجراحين، وبعد حوالي 52 عاما أعلن عن نجاح جراحة زراعة قلب في مركز الدبوس بالكويت وهي جراحة تتم لأول مرة بالكويت على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على إجرائها في جنوب أفريقيا.
وخلال هذه العقود الخمسة أجريت الآلاف من عمليات زراعة القلب في مراكز عالمية متخصصة، حيث إن الإحصاءات تشير إلى أن زراعة القلب تتم لأكثر من 2000 حالة سنويا وأثيرت خلال تلك السنوات أسئلة متعددة عن أخلاقيات وضوابط التبرع بالقلب والخط الفاصل بين التبرع بإدارة حرة وبين المنفعة التي تدخل في شبهة بيع الأعضاء والاتجار بالبشر.
كما أثيرت جوانب تتعلق بالحياة المتوقعة بعد زرع القلب سواء بعد العملية مباشرة أو بعد أشهر أو سنوات من تاريخ العملية الجراحية وإلى أي مدى يخضع المريض إلى الأدوية المثبطة للمناعة حتى لا يقوم الجسم برفض القلب المزروع، وذهبت التساؤلات إلى احتمالات الحياة لمدة أطول بعد العملية الجراحية وقد تصل النسبة إلى 90% في السنة الأولى وتقل بعد ذلك.
وتسابقت وسائل الإعلام العربية في زف البشرى بنجاح العملية الجراحية، وهو تفاؤل مبكر جدا لأن هناك فرقا بين نجاح العملية ونجاح الزراعة والذي لا يمكن الإعلان عنه قبل مرور سنة من تاريخ إجراء العملية الجراحية، وبعد الاطمئنان إلى عدم حدوث رفض للعضو المزروع أو التهاب رئوي أو تسمم بالدم بسبب نقص المناعة لتناول الأدوية المثبطة للمناعة لحماية العضو المزروع من الرفض.
وبينما تناقلت وسائل الإعلام العديد من الأخبار عن نجاح زراعة القلب في عدة دول بالمنطقة مثل إيران وتونس والإمارات العربية المتحدة خلال تلك الفترة، إلا أن الإعلام بالدول المتقدمة قد فتر حديثه عن زراعة القلب البشري وكأنه قد أصبح تاريخا من الماضي بعد أكثر من نصف قرن من إجراء أول عملية زراعة قلب بشري في جنوب أفريقيا على يد برنارد وفريقه.
ولكن هناك جوانب لم تستوف حقها من الطرح والبحث مثل استكمال ودعم البنية الأساسية للمراكز المتخصصة التي يصرح لها بإجراء مثل تلك العمليات التي تحتاج إلى منظومة متكاملة من الرعاية للمريض والمتابعة لأكثر من سنة بعد إجراء العملية الجراحية والجوانب الشرعية والقانونية المتعلقة بالتبرع وزراعة الأعضاء، فضلا عما يشغل اهتمام أهل الفن ويشعل خيالهم بشأن مدى تأثير شخصية صاحب القلب المتبرع به على شخصية وسلوكيات من تم زرع القلب بجسده وأيهما يؤثر على عواطف ومشاعر الإنسان.
ومع التهاني والتبريكات لأسرة مركز الدبوس من أطباء وتمريض وفنيين وإداريين على هذا الإنجاز للحاق بركب زراعة القلب في العالم، فإن علينا ألا نغفل حق المريض في الخصوصية وألا نجعل المرضى موضوعا لاهتمام الفضوليين أو التكسب غير المسؤول وأن نعزز حقوق المرضى في الحياة والسلامة والخصوصية وأن نتعلم ممن سبقونا منذ أكثر من خمسين عاما، إذ انك تصل متأخرا خيرا من أن لا تصل أبدا. ونتطلع إلى أن تسرع الخطى ليكون لدينا مركز متخصص ومؤهل ومعترف به عالميا كمركز لزراعة القلب البشري وألا يكون ما حدث مجرد حالة عابرة سلطت عليها الأضواء المبهرة من الجميع في هذا الوقت بالتحديد.