منذ فترة طويلة نسمع عن شعارات محاربة الفساد وستتكرر أيضا خلال الفترة القادمة لأسباب كثيرة ومن أهمها الاستعداد للانتخابات القادمة ومحاولات اختيار شعارات تجذب الناخبين، حيث ان كشف ومحاربة الفساد هو عمل مهني له إجراءاته وأدواته وكوادره المؤهلة والمدربة والذين غالبا ما يكونون بعيدين عن مواضع الشبهات.
ولمحاربة الفساد لابد أن تكون لدينا البنية الأساسية القوية اللازمة مع القوانين التي تتفق مع المعايير الدولية والاتفاقيات الصادرة من الأمم المتحدة ومن ثم فإن تقوية ودعم البنية الأساسية يجب أن تكون أولوية قصوى ببرنامج عمل الحكومة مع توفير جميع الموارد والإمكانات وفي مقدمتها توعية المجتمع بكل الجوانب الإجرائية والأخلاقية والقانونية والتوعية بالالتزامات المترتبة على الانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتوعية بما ينشر بالتقارير الدولية في هذا الشأن.
وإن تم التوسع في التوعية المبنية على الحقائق والأرقام فإن المواطن سيكون شريكا رئيسيا بأي استراتيجية وطنية لكشف ومكافحة الفساد ولا يكون فقط مجرد شاهد على تلك الأحداث. ولعله من المناسب أيضا ألا نلصق أي اتهامات بالفساد بأي شخص إلا بعد توافر الأدلة الثابتة بذلك، لأن تهمة الفساد تلاحق الأجيال المتعاقبة وقد لا يجد المتهم فرصة لتبرئة نفسه من اتهامات ظالمة.
وقد لا يعلم البعض أن مكافحة الفساد لم تغب عن الأهداف والغايات العالمية للتنمية المستدامة التي اعتمدها قادة ورؤساء دول العالم في اجتماع الأمم المتحدة التاريخي الذي صدرت عنه أجندة التنمية المستدامة العالمية حتى عام 2030، وهذا يعني أن مكافحة الفساد تعتبر التزاما أمام المجتمع الدولي وأولوية تنموية عالمية تتطلب استراتيجيات وطنية واضحة وشفافة وأدوات حازمة وعادلة ومجتمعا واعيا يدرك مسؤولياته وحقوقه في التخلص من الفساد مهما كان موقعه وتجفيف منابعه في كل مكان. وتقع على مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام والصحافة والإعلام الحر مسؤوليات كبيرة لتوعية المجتمع بأهمية مكافحة الفساد وكشفه وباستخدام الأساليب المشروعة دون تجنّ أو تشويه لسمعة أبرياء.
ولنعمل معا لكشف بؤر الفساد ومحاربتها حتى ترقى بلادنا كما نريد.