كلمة الحجر الصحي أصبحت تتردد كثيرا في هذه الأيام وهي ليست مجرد كلمة نطلقها، ولكنها تعني تخلي غير طوعي لاإرادي عن حقوق أساسية للإنسان في حرية التنقل ووجود قيود مادية واجتماعية ونفسية على الخاضع للحجر الصحي، بل إن تأثيرها وتداعياتها قد تستمر إلى ما بعد الانتهاء من الحجر في صورة وصمة وتمييز.
وعندما نذكر أنفسنا بالعلاقة بين حقوق المرضى وحقوق الإنسان وأن الصحة ليست فقط الخلو من الأمراض والعاهات، بل هي أيضا الصحة الاجتماعية والنفسية والتمتع بجودة الحياة فإن علينا أن نضم إلى فريق الأطباء المعالجين للمريض في أماكن الحجر الصحي متخصصا في الصحة النفسية جنبا إلى جنب مع التخصصات الأخرى ليخفف عن الضيف في الحجر الصحي وليس النزيل فيه من تداعيات الحجر الصحي ليساعده على تجاوز الآثار النفسية للقيود على التواصل والتنقل لفترة حضانة المرض وما يلاقيه من تصرفات لم يعتد عليها من قبل إن كان خاضعا للحجر المشدد أو الحجر المنزلي وهي جميعها تحمل بشكل أو بآخر وصمة وتمييزا.
إن الصحة النفسية وفقا لمنظمة الصحة العالمية تعني الحياة التي تتضمن الرفاهية والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتية بين الأجيال وإمكانات الفرد الفكرية والعاطفية.
وكذلك إن تعريف المنظمة نص على أن رفاهية الفرد تشمل القدرة على إدراك قدراته والتعامل مع ضغوط الحياة العادية والإنتاج ومساعدة المجتمع.
وان وجود طبيب نفسي ضمن منظومة الرعاية الصحية للخاضعين للحجر الصحي سواء كان الحجر المشدد أو المنزلي أو بالمستشفيات يتيح الفرصة لمقدمي الرعاية الصحية سواء كانوا من الأطباء أو الفنيين أو الإداريين لتذكر أن الصحة النفسية تمثل بعدا مهما بالصحة، وأن حقوق الإنسان لا يمكن فصلها عن حقوق المرضى في أي وقت من الأوقات وحتى لا يكون من يجتاز فترة الحجر بنجاح أحد ضحايا ما بعد الصدمة.
وأعتقد أنه لدينا من الكفاءات في الصحة النفسية والطب النفسي من لن يتأخروا عن القيام بتلك المهام الضرورية الغائبة عن منظومة الرعاية الصحية لضحايا ومخالطي حالات كورونا سواء المشتبه بها أو المؤكدة.
وأرجو من مقدمي الرعاية الصحية الاستعانة بزملائهم في الصحة النفسية لمساعدة ضيوف الحجر الصحي لتجاوز فترة الحضانة وبنجاح ودون مضاعفات.