إنه نفق تداعيات كورونا المستجد على مستوى العالم الذي انزلق العالم إليه سريعا حتى قبل إعلان مدير عام منظمة الصحة العالمية عن توصيف الوضع الحالي بأنه وباء عالمي، فمنذ عدة أسابيع ولا حديث للعالم إلا عن الوفيات والإصابات والتداعيات الناتجة عن كورونا المستجد، وأصبح الإعلام بما يقدمه من وجبات دسمة من الرسائل التشاؤمية مسيطرا على صنع القرار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقد يؤرخ في المستقبل لعام 2020 بأنه عام الكمامات أو عام حظر التجول أو عام التباعد والجفاف الاجتماعي المقيت.
وأصبحت الدول ـ ماعدا السويد ـ تتسابق في اتخاذ إجراءات قاسية لم توص بها منظمة الصحة العالمية مثل إغلاق الحدود ووقف حركة الطيران وإغلاق المدارس والإجازات الإجبارية للعاملين، بل وأصبحت الدعوة للبقاء في المنازل نداء قوميا ووطنيا بالرغم مما صاحب ذلك من ازدياد معدلات العنف المنزلي وهو ما صرح به مدير عام منظمة الصحة العالمية مؤخرا.
وبينما يسير العالم أسيرا ومعصوب العينين في نفق كورونا وتداعياته، فإن ظهور ضوء في آخر النفق ينتظره الجميع ويحلمون به وبقرب ظهوره، خصوصا أن البشر قد لا يتحملون الضغوط إلى مالا نهاية والاقتصاد العالمي والوطني لا يصمد إلى الأبد، بل ان توقف الطقوس الدينية في المساجد والكنائس قد أخرج الصحة الروحانية من المعادلة المعقدة، وبينما تتبارى الدول لاتخاذ إجراءات أكثر شدة يوما بعد يوم فإن هناك الملايين يتطلعون إلى آخر النفق مترقبين بصيص نور قريب بعد ظلام دامس عم العالم من شرقه إلى غربه وتعاني منه المجتمعات دون أي تفرقة، ولن تفيد الكمامات التي أصبحت سلعا استراتيجية أو المواد التموينية التي يشهد التزاحم عليها الكثير من الحوادث والممارسات اللا اخلاقية، بل ان المطلوب الآن ليس جرعة من دواء تجريبي ضمن التجارب التي تجرى لتسجيل واعتماد أدوية نوعية لعلاج كورونا المستجد، ولكن المطلوب الآن هو جرعة امل بعد تحليل متكامل العناصر لما يدور من حولنا وجدوى بعض ما تم اتخاذه من إجراءات قاسية ورؤية مستقبلية متفائلة بعيدا عن حلول من داخل الصندوق أو من وراء الكمامات.
وليتعلم الجميع من هذا الدرس القاسي الذي كانت تكلفته باهظة على الجميع بسبب الصورة التي رسمها لنا الإعلام عما يحدث والتوقعات السلبية للتداعيات والتي مازالت لم تتوقف حتى الآن ونحن جميعا بانتظار ظهور ضوء قريبا في آخر النفق.
ولابد أن يبحث عقلاء العالم جميعا عن الضوء في آخر النفق دون الوقوع اسرى للتأثيرات النفسية للإحصائيات التي عرضت من خلال رسائل تشاؤمية كادت تعصف بالبشرية حاضرها ومستقبلها بل وماضيها وتراثها ايضا الذي لم يسلم من تداعيات كورونا المستجد.