منذ أن حلت علينا أزمة كورونا المستجد والجميع يتحدث عن التباعد الاجتماعي، فماذا نقصد بذلك؟ ليس القصد من التباعد الاجتماعي قطع الروابط الاجتماعية، ولكنه التباعد الجسدي فقط وترك مسافة بينك وبين الآخرين لمنع انتقال العدوى والابتعاد عن التجمعات أو الاتصال الوثيق بالآخرين.
عندما نتباعد جسديا يجب ألا نبتعد عن أحبائنا وأصدقائنا أو ننعزل عن العالم، بل لا بد من التواصل مع الجميع عبر الأجهزة الذكية سواء كان بالرسائل أو بالمكالمات أو ببرامج التواصل الإلكترونية عبر الفيديو والكاميرات لنرى بعضنا بعضا ونتحدث مع الآخرين ونرفع معنوياتنا معهم لتجاوز هذه المحنة. ويجب أن نجتمع معا بوسائل التواصل الإلكتروني وكأننا جميعا في منزل واحد ونتحدث والكل يشكو همومه للآخرين لنستطيع رفع معنوياتنا جميعا ومن ثم نقوي مناعتنا ونبتعد عن الحزن والهموم والاكتئاب والشعور بالوحدة. والتباعد الاجتماعي ليس بالأمر السهل على الجميع لأن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يمكنه أن يبتعد عن الناس، ولكن للضرورة أحكاما فمن الضروري أن يحمي كل شخص نفسه ويحمي الآخرين من انتقال العدوى إلى أن تنتهي هذه الأزمة على خير بإذن الله.
وقد أشار بعض علماء النفس الى أن كبار السن هم الفئة الأكثر عرضة للتأثر بالأزمة نتيجة العزلة الاجتماعية وفقدان الأجواء الأسرية، وكذلك فإن الإصابة بالأمراض المزمنة والإعاقات الحسية قد تعوق التفاعل مع الآخرين مثل فقدان السمع أو البصر مما يؤدي إلى الشعور بالكآبة والحزن الشديد. ومع كل ذلك فإن أنماط التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تحل محل التواصل وجها لوجه، حيث إن الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي يفتقد التفاصيل الدقيقة للغة الجسد وتعابير الوجه والإيماءات، ولكنها تكون أفضل من عدم التواصل نهائيا.
وحتى ينجو الجميع من هذا الوباء فلا بد من الهدوء والاستعداد النفسي وتحمل العزلة الإلزامية بالتباعد الجسدي والابتعاد عن القلق والتوتر. وللتحكم في مشاعر القلق والتوتر بسبب انتشار الفيروس فيكون ذلك بالتقليل من التعرض للأخبار السلبية التي تؤدي إلى الخوف والهلع ووضع حد أقصى لمعرفة الأخبار عن الفيروس لا يزيد على نصف ساعة باليوم ومحاولة تعلم هوايات جديدة وأداء بعض المهمات المؤجلة والتفاؤل والاهتمام بالصحة والتغذية الصحية وممارسة تمارين التأمل والاسترخاء وطلب المساعدة من الآخرين عند الحاجة إليها.
ولا ننسى الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى حتى نتجاوز هذه الأزمة جميعا وبأقل خسائر وتعود حياتنا إلى طبيعتها كما كانت، والله يحفظ الجميع من تداعيات هذه المحنة وننعم بالصحة والعافية.