هل تأتي الانتخابات بالأفضل دائما أم إنها توفر بارقة أمل لاختيار الأفضل والأصلح من بين المرشحين. ولا ينصب تفكيري هنا على انتخابات مجلس الأمة وهي على الأبواب بل أي انتخابات سواء لمجلس إدارة لجمعية نفع عام أو لمجلس بلدي أو لمجلس الأمة أو لأي مجالس أخرى، جميعها تمر بمراحل وإجراءات لابد أن تكون شفافة لضمان سلامة العملية الانتخابية. وتفتخر العديد من الدول والجهات بأن الانتخابات تتم تحت إشراف قضائي أو تحت إشراف دولي محايد حتى يعطي ذلك المصداقية والثقة في نتائجها.
وعندما نستعرض الأحاديث التي تتم أثناء وبعد الانتخابات نجد أحيانا تلميحات في بعض الانتخابات عن شراء إرادة الناخبين والرشوة الانتخابية وفساد الإجراءات، وهو أيضا ما تكشف عنه الطعون والقضايا المرتبطة بالانتخابات، ومن الأمور المهمة كشوف الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم لاختيار الأفضل والتي بها العديد من الهواجس والتحديات.
والسؤال عن كيفية اختيار الأفضل تحتاج الإجابة عليه إلى تدقيق في المراحل والإجراءات المختلفة ومن بينها شعور المواطن بأهمية العملية الانتخابية وثقته في الإجراءات ومن بينها الدعاية الانتخابية والإنفاق عليها وتمويلها والرقابة المالية على العمليات الانتخابية لاكتشاف محاولة شراء الأصوات، وهي هواجس ليست بعيدة عن أي انتخابات مثل الاتهامات بالتدخلات الخارجية لفرض أجنداتها والتأثير في القرارات.
وتمثل العملية الانتخابية في أي مجتمع عدة تحديات لضمان مصداقيتها ونزاهتها وشفافيتها وأن تؤدي إلى انتخاب وفوز الأفضل ، لكن في بعض الانتخابات قد تحدث تدخلات من قوى خارجية أويكون هناك إنفاق مشبوه أو تدخلات في الإجراءات أو تعطيل لبعضها أو تطبيق قوانين تعرقل وتؤثر على إرادة الناخب، وجميع تلك التحديات تتواجد في كل أنواع الانتخابات بدءا من مراحل التخطيط والإعداد لها ومرورا بما تتضمنه من دعاية وحملات تسويقية لتسويق مرشح كأنه سلعة جديدة.
وهذا يفتح أبوابا أخرى وهو مدى تأثير السوق على قرارات الناخب الذي قد يعتقد أن الانتخابات تأتي بالأفضل حتى يكتشف لاحقا أن ذلك كان حلما جميلا ويستيقظ على واقع مختلف تموج فيه المصالح وتتصارع فيه المثل العليا مع القوى الخفية التي تدير وتمول وتبدع في التسويق بالحملات والدعاية الانتخابية. إن ما ينتج عن أي انتخابات بأي كيان أو مجتمع يجب عدم اعتباره نهاية بل بداية لاكتشاف المصداقية والانتماءات والمواقف، وهناك أمثلة لا حصر لها ولا حدود لها في التاريخ.
ومن العجيب الآن ونحن على أبواب انتخابات الرئاسة الأميركية أن يطرح إعلاميا موضوع التدخلات الخارجية في الانتخابات الأميركية ليس حبا في نزاهتها بل لأنه من أساليب ووسائل التنافس واستخدام كل الأسلحة بين الخصوم.