بقلم: حمود ناصر العتيبي
من شرفة الحياة أطل على الحياة، من على وهلات الهدوء، أتأمل الضجيج، ومن مرتفع قد يضعني في محل الناقد والمصحح والمحاسب، أجمع من نفسي أعذارا لأقنع نفسي، أطرح أعمالها لأهب سموها إلى إقلالها، أعرض شريط الحياة وأتصفح أكوام التجارب، لأكتشف أن بعضها قد غاب هناك بين طيات الأيام وعلاه غبار السنين، لأنفضه من جديد، ليحضر لحظات المحاسبة لعل له وزنا ذا قيمة، ولعلني أظفر بصوت يتيم يسجل نصرا للذات على الملذات، ورقي الأهداف على قصور الإنجاز للمهمات، وللصبر على زئير الملمات، أفعل هذا وأعلم أن الأعمال بالخواتيم، لكنه التحفيز وشحذ الهمة وترتيب دواخل النفس وإغلاق نوافذ الحظوظ ومصائد الجشع وقتل الرغبات.
والعالم من خارج الذات متلاطم متسارع ماطر ومغبر لا يكاد يهدأ من عواصفه، تماما كداخلها، وأعلم أنني أقف على شرفة الحياة لأجدد نشاطي ولأعود لهذه الساحة المشتعلة، أقف لأقول لذاتي: قيمة المرء ما يحسن وعمر الإنسان بهمومه وهمته، وأهدافه ومقاصده، فكلما عاش لأمته عاش طويلا وإن مات، وكلما عاش لنفسه مات وإن عمر وتجاوز السنين، أقول لها: نحن حركة بين سكونين، فلا التقاء لساكنين، وجهد بين مولد وموت، وومضة في كم هائل من التواريخ، إما أن نسجل في صحائفنا ما سيسجل في هذه الأرتال من الأفعال وإما سنمر كمن مروا ولا نعرفهم، لأنهم ما عرفوا أنفسهم وعظيم ما يحملون، وما قدروا معنى أن تفكر في سر الحياة وأن تقدر أعظم فكرة وأجهدها وأثقلها وأحلاها، وهي حلم النهوض والصعود للأمة.. لذا أقف هناك على نافذة الحياة، فهل ستقف بجواري؟
[email protected]
humod2020@