وضع الورقة.. شهيق دفع بزفير طويل كمن بث همه.. قبضته على القلم دلت على حالته.. بدأ بسطوره المترددة:
أكتب لك كلماتي واعتذاري..
أنت لا تفهمني..
كم أغاظني هذا وأتعبني .. كم حزنت لغربتي بين المقربين .. لا أدري أين الخلل؟ ربما بسبب انفعالي.. مما جعل كلماتي تبدو مبهمة هلامية،
لا ترتكز على قاعدة أو منطق أعتذر منك لأنني من النوع الذي يكتب سطرين على الورق وثلاثة في الذهن وربما اعتمدت فهمك للمبهم ظنا مني بأنه واضح فوصلت رسالتي مبتورة.
أعتذر منك فأنا أكتب لك كلمات لها دلالات في نفسي قد لا تتطابق مع دلالاتك أو لها مناسبة قد خفيت عنك، وكأنني أخاطب ذاتي.
أعتذر أخي لقد كتبت لك بمعطيات مشوشة ومعلومات ناقصة وأطلقت العنان لأحكام غير صائبة؟ أعتذر لك وقلما تجد من أدرك هذا فاعتذر قلما تجد من احترم ذاته وقرر التروي قبل إطلاق الحكم (أنت لا تفهمني).
تألمت فتأملت لأجد الخلل في كل ما ذكرت، وقد يجده غيري في غيره فيعلق عدم الفهم على أسوأ الظنون لأنه يكابر ويظن أن برجا من هيبته سيقع بعد الرجوع أيا كان أبا أو أخا أوصديقا أو زوجا.
سقط القلم من يده بعد ارتخاء.
وتذكر كلماته الأولى:
«أنت لا تشعر بأهمية الأمر؟.. هذا لأنك لست معني بذلك؟.. من وضع يده في الماء ليس كمن وضعها في النار؟ أنت تتغافلني؟ أتحقد علي؟» انتهى.
يا سيدي المجهد: تلك كلمات تعد شرارة الأزمات في عالم الحوار من الآخر، وقد تكون الباب الموصد دون العلاقات أو المفتوح بتجاه العداوات.
لا تجعل مشاعرك تتحدث، فكر ثم تكلم، ضع نفسك مكانه، استجمع إدراكك واستكمل معطياتك، واستعن بالله، واحذر فخاخ الحوارات الداخلية والظنون والوهم.
أرح عقلك بالتثبت وقلبك بحسن الظن ووفر جهدك الثائر، لثورتك على الذات المجهدة.
رد عليه صاحبه برسالة مقتضبة: «إذا أزعجني منك موقف واحد، فلك عشرات من المواقف تخبرني بأنك أنت أخي الذي لا أتخلى عنه مهما كان».
humod2020@