..أما عم محمد الغلبان فإنه ما إن سمع شحته صبي المحامي وهو يقول إن مالك الشقة الـ 100 متر سيدفع حوالي 39 ألف لحلوح مقابل تسجيلها في الشهر العقاري حتى وقف وسط القهوة صارخا: «والله حرام أنا لسه هستلف مقدم المصالحة بعد الحاج صاحب البيت اللي باع لي الشقه ما خلع».. وشهق شهقة عظيمة ووقع مغشياً عليه ليتلقفه «حوكه» صبي القهوة.
..وفوجئ الزبائن وهم يصبون الماء على وجهه بعم محمد ينتفض واقفاً وينظر في وجوههم مذهولا وهو يصرخ: «مش هسيبهالهم..» ولمعت عيناه واتسعت حدقتاه وسال الزبد من جانب فمه وأكمل: «انا هبيع المطبخ وأوضه وأدفع بتمنهم المصالحة والتسجيل، وأنا والعيال وأمهم كفاية علينا أوضه وصاله»!!
وشهق شهقة أعظم من الاولانية، وخر مغمى عليه وتركه «حوكه» اللئيم يصطدم بالأرض.
وبينما الزبائن يكبرون في أذنه وشحته صبي المحامي يشير للشاشة قائلاً: اطمئن يا عم الحكومة والبرلمان والأستاذ موسى «بيحلوا الأزمة»..أصدر عم محمد صوتا غريبا لا تعرف إن كان من أنفه أم فمه ثم صرخ: أزمة؟ هو مين اللي عمل الأزمة.. يا ولاد «الأزمة».. وشق جلبابه، وطوح نعليه وجرى حافياً ناحية ميدان السيدة زينب وهو يصرخ: حسبنا الله ونعم الوكيل!!
يبدو يا سادة يا كرام أن مأساة قانون التصالح في المخالفات تتكرر والتي لم تستطع فيها الأجهزة كافة أخذ حق الدولة من المخالف الحقيقي، وهو المقاول الذي خالف التصريح، والمالك الذي استفاد، ومهندس المحليات الذي «تغاضى» - مشيها تغاضي معلش - ورئيس الحي الذي شارك في «التغاضي»، والمحافظ ونوابه الذين لم يشاهدوا المخالفات أصلا!! تركت الدولة كل هؤلاء يهنأون بعوائد المخالفة،.. واضطر لدفع قيمة التصالح.. «المشتري المسكين حتى لا يفقد «العين» التي تؤوي أبناءه!!
«فيا حضرات النواب الكرام أعضاء برلماننا المهيب، أيها المسئولون عن سن القوانين وإصدار التشريعات «حنانيكم» على المصريين من أبناء الطبقة «المستورة» التي تغرب أبناؤها سنوات، أو عملوا بوظيفتين وأحيانا أكثر داخل مصر المحروسة حتى يتمكنوا فقط من شراء شقة أو منزل يحمي سقفه وحوائطه أطفالهم.
..ويا أعضاء حكومتنا الرشيدة دعوا عنكم أفكار مستشاري السوء والتي تنحصر في كيفية جباية المكوس والرسوم وفرض الضرائب على كل من يسعى لتملك ما يؤويه.
لماذا تطرحون «الآن» طلاسم التسجيل في الشهر العقاري، والشعب في مجمله يعاني الإنهاك ولا يستحق منكم مزيدا من الانتهاك.. كفى.
..ألم تدرسوا يوما قاعدة حسن اختيار «توقيت القرار»؟..
وكالعادة لن يرفع الظلم عن الرعية سوى رئيس الجمهورية، الذي نعلم حسن نواياه لتقنين أوضاع الوحدات السكنية وحماية ملكية المواطن، لكن يبدو ان «أحدهم» وجدها فرصة سانحة لممارسة هواية الجباية والتنكيد على المواطن.. وننتظر تدخلكم الصائب.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية..
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]