كمواطن مصرى أتمنى - «وما كل ما يتمنى المرء يدركه» - أن ينصلح حال علاقاتنا الخارجية مع جميع دول العالم من الدوحة حتى واشنطن مرورا بأنقرة وأديس أبابا وطهران، ولكن السياسة - قاتلها الله - غالبا لا تحقق ذلك، والمصالح المتعارضة كثيرا ما تقف عقبة أمام السلام، ويبقى بصيص الأمل فى قاعدة أنه فى عالم السياسة لا عداوات دائمة، ولا صداقات أبدية، ودوام الحال من المحال.
تابعتم كما تابعت فاصل «الغزل السياسى» التركي تجاه القاهرة، ورد فعل مصر الهادئ غير المندفع عليه، حتى اتخذت أنقرة خطوة عملية بإبلاغ قنوات (مكملين - الشرق - وطن) المعارضة لمصر والتى تبث من إسطنبول بالتوقف عن الهجوم على مصر، والالتزام بمواثيق المهنة، وقرأنا وصف وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل الأمر بأنه «بادرة طيبة» تخلق مناخا صحيا ملائما لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين على مدار السنوات الماضية، وأن إزالة الخلافات السياسية بين مصر وتركيا تصب فى مصلحة الشعبين.
.. وبدون عودة الى الماضى وأنه لم يكن مطلوبا لصالح علاقات البلدين أن تكون هناك قنوات معارضة لمصر تبث من إسطنبول أو هجوم إعلامى حاد من القاهرة يصب نيرانه على تركيا، المهم الآن هو أن أنقرة ترى أن الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة - بغض النظر عن الأسباب - وأن القاهرة لا مانع لديها من ذلك، ولكن كما قال وزير الخارجية «ننتظر الأفعال لا الأقوال».
المهم بدأت تركيا بالأفعال فى حدها الأدنى متمثلة فى إبلاغ قنوات المعارضة والتحريض بالالتزام بقواعد المهنة، والغريب أن ردود الفعل المصرية على مواقع التواصل غير الرسمية رفعت سقف التوقعات فجأة إلى عنان السماء، وتم إضافة العديد من «الإشاعات» إلى قرار تركيا فاشتعلت المواقع بأخبار «غير محددة المصدر» عن بدء الاستعداد لترحيل الإعلاميين المعارضين إلى مصر!! ووضع قيادات «الإخوان» المصريين فى تركيا رهن الإقامة الجبرية، وترحيل بعضهم إلى دول أوروبية، وإيقاف معاملات حصولهم على الجنسية التركية، ومنع التحويلات المالية التى تمول القنوات والإعلاميين وكبار القيادات (لأن صغار الهاربين لا يجدون من يعطف عليهم!!).
وبدأت سرادقات الاستقبال تنصب استعدادا لوصول زوبع ومعتز وناصر وأشباههم.
ولكل المتلمظين لعودة المحرضين أقول.. رويدكم فلن يحدث شيء من ذلك، واقتدوا بالحكومة فى هدوئها ورزانتها وكونوا «متشائلين» لا متفائلين ولا متشائمين.. فما حدث قمة جبل الجليد والقادم يحمل الكثير.. والكثير وغدا للحديث بقية.. إن كان فى العمر بقية.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]