«السكة طويلة» بين بداية «الأفعال» التركية الإيجابية المتمثلة في تخفيف حدة نبرة قنوات «الإفك» (الشرق ـ مكملين ـ وطن) التي تبث من اسطنبول، وبين الوصول الى مصالحة بين أنقرة والقاهرة، أتمنى أن تحدث، وأن تعود العلاقات الرسمية الى سابق عهدها، وترتقي الى مستوى العلاقات الشعبية التي صمدت طوال 8 سنوات منذ بدء الجفوة الرسمية.
وهنا أؤكد أن العلاقات الشعبية لم ولن تتأثر، ويحسب لمصر أنها تركت حركة التجارة دون قيود، حيث ظلت البضائع التركية في الأسواق المصرية، كما لم تضع القاهرة المعوقات أمام المسافرين الى اسطنبول للسياحة أو التجارة أو حتى للانضمام الى أهلهم من «الجماعة» الذين سبقوهم إلى تركيا!
أقرأ لكاتب تركي وقانوني هو أ.د. سمير صالحة، وهو أكاديمي وعميد مؤسس لكلية القانون في جامعة غازي عنتاب، يقول في مقال نشره في 21 مارس الجاري: «تركيا هي التي تصر على المصالحة مع مصر، لكن تحويل ذلك إلى استجداء وتركيع أو هزيمة لطرف على حساب آخر لن يخدم كثيرا أسلوب ولغة الحوار وتحقيق المصالح المشتركة الثنائية والاقليمية بين البلدين».
وعلى طريقة «وشهد شاهد من أهلها» يقول د. صالحة: «نجحت القيادات المصرية في دفع أنقرة نحو الإقدام على الخطوة العملية الانفتاحية الأولى، لكن القيادات المصرية لا تقود جمعية خيرية تتعاطف مع الإصرار والعناد التركي، فمصالح ومتطلبات المرحلة هي التي ستحرك آلية الحوار، خطوة للوراء عند الضرورة وأخرى للأمام عند اللزوم، وهذه أبسط قواعد اللعبة الدبلوماسية».
حقيقة، أسعدني الاعتراف التركي بنجاح القيادة المصرية، وأعتقد أن القاهرة فعلا تعاملت بحرفية عالية وذكاء وصبر مع «المسألة التركية»، ونجحت في استقطاب المعارضة التركية نفسها وكسبها في صفها حتى ان حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض أعلن استعداد وفد من قياداته للقيام بزيارة صداقة قريبة إلى مصر، وهي خطوة ذكية أعتقد أن القاهرة سترحب بها، وأن أنقرة أيضا لن تكون غاضبة أبدا!
الملفات المشتركة والعالقة والشائكة بين القاهرة وأنقرة كثيرة، تمتد من سورية والعراق شرقا وحتى ليبيا غربا ومن الخليج جنوبا حتى اليونان وقبرص وشرق البحر المتوسط شمالا، و«التفاهم» عليها يحتاج لوقت وصبر وجلسات تمهيدية تعقبها حوارات ودخول أطراف عديدة..
كلمة أخيرة أقولها للدكتور سمير صالحة: شكرا على توصيفك للواقع، ولكن لتعلم أن الخطوة الأولى «الخفية» كانت من القاهرة التي سمحت لفتى الزمالك الذهبي مصطفى محمد بالانتقال الى نادي جالاطه سراي؛ ليغني مشجعوه كل أسبوع «يا مصطفى يا مصطفى.. أنا بحبك يا مصطفى»!
وللحديث بقية.. إن كان في العمر بقية.. وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]