وسط المربعات التي تحوي صور وعناوين الأخبار على صفحات بعض المواقع الإخبارية المصرية «المحترمة» نجد عنواناً جاذباً مدعوماً بصورة حقيقية لخبر يقول: «الأمطار والسيول تكشف النقاب عن مفاجأة لأسرة فقيرة».. وإذا جذب العنوان انتباهك وضغطت على المربع لتعرف التفاصيل فستجد قصة مشوقة عن كيف كشفت السيول عن صندوق يحوي عشرات الملايين (ريال - دينار - جنيه - درهم) حسب القرية الصغيرة والبلد الذي تنتمي إليه، ثم تقودك القصة «الركيكة» إلى أن صديق صاحب الصندوق يكشف السر وهو أن صديقه المتوفى كان يستثمر مبلغاً (رغم أنه فقير!!) في شركة (كذا..) للاستثمار وكانت الملايين تتقاطر عليه ويضعها في الصندوق الذي كشفت عنه السيول!!
.. وإذا لم تقتنع بـ «خبر» صندوق «علي بابا» الذي كشفت عنه الأمطار والسيول.. فربما تنطلي عليك قصة تحمل عنوان (خبر عاجل) عن المواطن الخليجي الذي يتعرض للمساءلة القانونية بعد استيلائه على أموال خادمه الآسيوي!!.. وطبعاً سيشدك العنوان الذي يعكس الأوضاع، وتدخل الكمين لتفاجأ بقصة «إنسانية» تقطع نياط القلوب، وتملأ المآقي بالدموع تستخدم أسماء وهمية، وتؤكد أن التحقيق مع المواطن الخليجي أسفر عن اعترافه بأن خادمه الآسيوي الذي يعمل بتنظيف خيمة الضيوف أعطاه مبلغاً واستثمره في شركة للاستثمار وحقق الملايين!!..
لن أطيل عليكم.. فكلنا بالتأكيد طالعتنا هذه القصص الإعلانية التي تستخدم أسماء وصوراً وهمية، وحبكة خبرية، والأخطر أنها «تندس» بين الأخبار الحقيقية دونما إشارة أو تمييز بأنها إعلانات غير مباشرة، وطبعاً لا توضيح لأنها قصص غير واقعية، وهنا الخطورة حيث إن بعض القراء من البسطاء أو ذوي الخبرة المحدودة يعتقدون أنها قصص حقيقية، خاصة مع وجود تعليقات بصور أشخاص حقيقيين تؤكد أن الاستثمار في هذه الشركات «حلال»، وأنهم يحققون أرباحاً هائلة!!
سألت مسؤول الإعلانات في صحيفة يومية ذات موقع إلكتروني محترم فأوضح أن مثل هذه الإعلانات تأتي فقط للمواقع الإلكترونية وليس للصحف الورقية، عبر شركات متخصصة «تشترط» شراء المساحة الإعلانية مع عدم الكشف عن محتوى الإعلان، وهناك من المواقع الإخبارية من يقبل ذلك، وهناك من يرفضه!
يا سادة يا كرام.. زمااان درسنا في كلية الإعلام الفارق بين الإعلان والإعلام، وأن هناك ميثاق شرف يلزم الصحف بوضع إطار خاص وكتابة عبارة (إعلان تحريري) على أي مادة إعلانية حتى لا تتشابه مع المادة التحريرية فيلتبس الأمر على القارئ وقد تفقد الصحيفة مصداقيتها.
وفي زمن «الإنترنت» من يحمي «القارئ البسيط» من الوقوع في براثن المخادعين عندما لا يفرق الموقع الإخباري الإلكتروني بين الخبر الحقيقي.. والإعلان الخبري الكاذب؟!
أعيدوا للإعلام احترامه ومهنيته.. وللإعلان مصداقيته.. يرحمكم الله.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]