في زيارته للقاهرة قبل أيام، قال رئيس رواندا «الأسطوري» بول كاجامي ان بلاده تسعى لمزيد من التعاون مع مصر ولتنفيذ الاتفاقيات التي تم توقيعها والتي تستند الى العلاقات طويلة الأمد بين البلدين وستؤدي لتعميق الشراكة بين الدولتين.
والحقيقة أن تجربة إعادة رواندا للحياة وانطلاقها لتصبح نموذجا فريدا للتنمية في قارة أفريقيا هي تجربة تستحق الاستعراض والتأمل والدراسة واستخلاص ما يفيدنا.
في أكتوبر 1990 اندلعت الحرب الأهلية في رواندا، والتي وصفت بأنها الأشرس في تاريخ هذا البلد الصغير، بين قبيلة «الهوتو» التي تمثل أغلبية السكان وقبيلة «التوتسي» وكانت مناوشات حادة قد حدثت في بداية التسعينيات وانتهى الأمر بوضع خارطة طريق لتنفيذ اتفاقية سلام عام 1993 بين الحكومة والجبهة الوطنية عرفت باسم اتفاقية آروشا، وهدفت الاتفاقية الى تقاسم السلطة بين الحكومة والجبهة الوطنية.
وفي 6 أبريل 1994 أسقطت طائرة تقل رئيس الحكومة ومعه رئيس حكومة بوروندي.. وأنهى ذلك اتفاقية السلام وتواصلت أشرس حرب أهلية في أفريقيا وأكثرها دموية، واستمرت حتى 15 يوليو 1994، وعلى مدى 5 سنوات تواصلت المذابح والإبادة الجماعية التي قضت على أكثر من 10% من شعب رواندا، حيث قتل 800 ألف خلال أول 3 شهور للحرب، وارتفع الرقم الى أكثر من مليون و200 ألف رواندي في نهايتها، و«تشرد» ملايين المواطنين هربا من المذابح ولجأوا الى دول أخرى.
هل تتصورون أن العالم ظل يتابع يوميا أخبار وصور المذابح العرقية والاغتصاب الجماعي الذي طال مئات الآلاف من النساء، وقضت المذابح على حوالي 75% من قبيلة «التوتسي» حتى تمكنت «الجبهة الوطنية الرواندية» من إيقاف المتطرفين والحكومة المؤيدة لهم، وإغلاق صفحة المذابح التي لم يشهد العالم لها مثيلا في أفريقيا.
كان لابد من التذكير بهذه الحقبة المأساوية من تاريخ رواندا المعاصر حتى نتصور صعوبة أن تنهض هذه الدولة خلال أقل من 20 عاما لتصبح «سنغافورة» أفريقيا، وتحصل عاصمتها على لقب أجمل عواصم القارة السوداء.
كيف تم ذلك؟.. وعلى أي أسس تم علاج الآثار المدمرة للمذابح؟ وما القواعد التي استندوا إليها لبناء رواندا الجديدة؟
سأجيب غدا.. فللحديث بقية.. إن كان في العمر بقية..
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]