شعرة رفيعة بين مواجهة المشاكل والاعتراف بالقصور والتعرف على مواطن الخلل، وبين جلد الذات.
ونحن في مصر بأمسّ الحاجة إلى الاعتراف والتعرف والمواجهة للوصول الى مناهج لحل مشكلاتنا، وقد قام وطنيون مخلصون وعلماء اجتماع ومراقبون من جميع التوجهات السياسية والحزبية بمحاولات «محترمة» لتوصيف الداء ووصف الدواء لعلاج الخلل الذي حدث لمنظومة القيم المصرية خلال الـ 50 عاما الأخيرة، وحتى الآن، ولكن للأسف ابتلينا قبل 25 يناير بمن «أوصلوا كل شيء الى مرحلة «الكهنة» حتى يحافظوا على كراسيهم ومناصب حوارييهم ومكاسب بهاليلهم».
وعندما تحدثت في المقالين السابقين عن انهيار مفهوم وقدسية «قيمة العمل» في المجتمع رصدت بعض القشور العائمة على سطح المستنقع الآسن مثل غياب القدوة، فأصبح من لا يضيفون أي قيمة للمجتمع يتربعون على عرش الهرم الاجتماعي، دون أي قيمة حقيقية لما يقدمونه للبشرية، ونخر سوس الرغبة في الكسب السريع داخل عظام المجتمع، فأفسد البعض حتى في الطبقات دون الوسطى، فأصبح من العادي أن نشاهد عبر برنامج مثل «تيك توك» سيدات يعرضن أجسادهن أمام الكاميرات طمعاً في «أموال» حرام.. يلقيها على مواقعهن بعض المشاهدين «المرضى»، لا فرق في ذلك بين فتاة في «منتجع راق» أو أنثى «سيد قشطة» تترجرج أمام كاميرا «زوجها» وهي تدعي تنظيف المنزل.. ومسح الأرضيات!!
وقد رصد علماء الاجتماع والباحثون منذ ثمانينيات القرن الماضي التغيرات السلبية المحورية التي حدثت في منظومة قيم المصريين، ومن بينها «قيمة العمل»، التي تحولت من شعار: العمل حق، العمل شرف، العمل واجب» إلى فهلوة وشطارة وسمسرة وعمولات وأسماء عديدة تم استخدامها لتغطية الأسماء الحقيقية كالنصب والسرقة والاستيلاء على المال العام وخداع الناس.
وحتى لا أطيل عليكم، ولمن يرغب راجعوا تحذيرات المرحوم د.محمد إبراهيم كاظم في البحث الذي أشرف عليه حول «تغير قيم شباب الجامعة» وتحذيرات الكاتب عماد سيد عن «انهيار منظومة القيم في المجتمع المصري.. عوامل وأسباب»، وكتاب الرائع د.جلال أمين «ماذا حدث للمصريين؟».. والعديد من الدراسات الجادة التي حددت الداء ووصفت الأدوية التي أعتقد أنه حان الوقت للالتفات إليها.. قبل فوات الأوان وقبل أن نصل مرحلة السقوط الحر لمنظومة القيم في هاوية بلا قرار..
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]