يُحكى أنه في بلاد بعيدة.. بعيدة اختار مليونير قطعة أرض ضخمة تُطل على بحر عظيم ليبني عليها مصنعاً عملاقاً لتعليب وتصنيع الأسماك، واصطدم المشروع الكبير بوجود «كوخ» صغير لصياد فقير على شاطئ البحر.. فشلت كل المفاوضات والتهديدات لإقناع الصياد الفقير ببيع الكوخ (وقتها لم يكن هناك سيديهات!!)، ورفعوا الأمر للمليونير فتعجب وذهب ليرى الصياد ويقنعه ودار بينهما الحوار التالي:
المليونير: لماذا لا تريد بيع الكوخ رغم عرضنا أضعاف قيمته؟
الصياد: لأنني عشت حياتي كلها فيه.. وزوجتي توفيت فيه.. فهو يحوي كل ذكرياتي.
المليونير: سأمنحك أسهماً في المصنع الجديد تساوي 100 ضعف ثمنه.
الصياد: وماذا بعد؟
المليونير: ستصبح رجل أعمال.. ترتدي أفخم الثياب.. وتقود أغلى السيارات وتسكن أحلى البيوت.
الصياد: وماذا بعد؟
المليونير: ستحاط بأجمل النساء وتنشر الصحف صورك.
الصياد: وماذا بعد؟
المليونير: سيحترمك الناس ويخشونك ويتوددون إليك وتصبح مهماً في المجتمع، ويمكنك أن تترشح لرئاسة الدولة كلها.
الصياد: وماذا بعد؟
المليونير: بعد أن تحقق كل أحلامك يمكنك أن تبيع حصتك من الأسهم، وتتصدق بجزء للفقراء، ثم تتقاعد في مكان هادئ على شاطئ البحر تستمتع بالجو المشمس وصيد الأسماك.
الصياد: خلف باب الكوخ.. كرسي خشبي وصنارة صيد ثانية.. أحضرهما.. وأهلاً بك إلى جواري!!
.. إنه الرضا يا سادة، فالراضي لا يطمع في أكثر مما يعطيه الله، يقول سبحانه وتعالى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك الفوز العظيم) (الآية 72 سورة التوبة).
أبوجعفر المنصور حين بويع للخلافة ودخل عليه المهنئون جاءه واعظ يُدعى مقاتل بن سليمان، حينما رآه أبوجعفر قال: جاء من يعكر علينا صفو يومنا.. دعني أبادره فقال له: عظنا يا مقاتل.. فرد الرجل: أأعظك بما سمعت أم بما رأيت؟ فقال: بل بما رأيت.. رد مقاتل بن سليمان:
مات عمر بن عبدالعزيز وقد ترك 11 ولداً و28 ديناراً كفنوه بخمسة واشتروا قبره بـ 4 ووزع 19 ديناراً على 11 ولداً.
ومات هشام بن عبدالملك فكان نصيب إحدى زوجاته الأربع 80 ألف دينار نقداً غير الأملاك.. ووالله رأيت بعيني في يوم واحد ولداً من أبناء عمر بن عبدالعزيز يتصدق بـ 100 فرس في سبيل الله، وولداً من أبناء هشام يسأل الناس في الطرقات!!
.. وماذا بعد؟.. لا شيء.. حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]