.. تباطؤ وتيرة التحرك والانتقال، وكذلك التواجد في مقر الصحيفة فترات أقل، والمكوث في المنزل لأوقات طويلة ومتصلة لم تُتح لي من قبل على مدى 30 عاما، كل ذلك منحني وقتا أطول للتأمل والتفكر في سلوكيات المصريين في الأزمات والشدائد.
تجد شخصا هو لمفهوم «الزميل» أقرب منه للصديق، لا تربطك به سوى «الزمالة» في العمل، دون تقارب يضعه في مرتبة الصداقة، ومع ذلك تجد أن «أزمة» كورونا قد أخرجت منه أروع الصفات: سؤال يومي عن: احتياجاتك، صحتك، أبنائك، ومحاولات متوالية لتقديم المساعدة بشتى صورها وأشكالها، تشعر فورا أن مشاعره صادرة عن محبة حقيقية، وإيثار نادر، وأخلاقيات رفيعة.. وكنت تظن أن كل ذلك لم يعد موجوداً!
وتفاجأ بمن ظننته «صديقا» مقربا، جمعتكما صداقة عمرها سنوات، وخبرتما الدنيا معا بخيرها وشرها، ثم تجده في الأزمة قد «اختفى».. لا زيارة.. لا مكالمة هاتفية.. لا استفسار عن صحة أو احتياج أو عرض لمساعدة!.. وفي الحالتين التمس له العذر، أو لعل لديه عذرا لا أعرفه!
وبعيدا عن الصعيد الشخصي، تتباين تصرفات من حولك تبعا لوجوههم الحقيقية التي نزعت عنها الجائحة أقنعتها، فتجد ثريا محترما يتبرع بالملايين لدعم جهود مواجهة الوباء دون أن يطلب ذلك منه أحد، رغم أن الفقير والغني يعلمان بضرورة التمسك والحفاظ على أي سيولة مالية يمتلكانها لمواجهة القادم المجهول.
.. وتجد في المقابل من سارع فورا إلى مخالفة القانون.. بل والإنسانية ذاتها، ليسارع بالبناء على أرض الدولة التي لا يملكها، أو «تعلية» بناية دون ترخيص حتى لو أدى ذلك إلى سقوطها فوق رؤوس قاطنيها!.. وتجد من يخفي الدواء ليرفع سعره، ويخزن الكمامات والمطهرات، بل ويغشها، فيما يضحي أطباء بحياتهم لمساعدة المرضى المنكوبين بالكورونا.. وهذا هو «الإنسان» يحمل داخله بذرتي الخير والشر، فطوبى لأصحاب النفوس النبيلة الذين يزرعون الخير أينما ذهبوا.. وطوبى لذوي القلوب النقية التي تحمل الحق والعدل أينما حلت.. وطوبى لحملة الضمائر الحية الخالية من النفاق والكذب والخداع والكراهية، وعدم التسامح.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]