هناك أمور تصيب الإنسان بالدهشة والعجب وأحيانا بالاستغراب، حيث أصبح عالمنا كله وخاصة العربي منه مليئا بمثل هذه الأمور، بل بما هو أشد وأغرب منها. كما أن الحياة بلا قوانين تحكمها غابة لا أمان فيها ولا مكان فيها لضعيف!
عندما كان الدين يحكم الناس وجدنا العدل والإنصاف، وخاصة عندما ساد الإسلام بتعاليمه وقيمه ومبادئه في عصور العدل، وإن ظلم إنسان أخذ حقه مهما كان عرقه أو لونه أو دينه، والأدلة والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى.
ولما غابت تعاليم الدين وقامت الحروب بين البشرية، قام العقلاء فوضعوا المواثيق والأعراف التي تحكم العالم، فكانت الهيئات والمنظمات الدولية التي أقرت العالم ونشرت فيه نوعا وبعضا من العدل وليس كل العدل لأنها منظمات في النهاية تحكمها الأهواء البشرية والتحالفات، ورغم ذلك هدأ العالم نوعا ما، وكم كنّا نتمنى أن تكون هذه المنظمات والهيئات الدولية ميزان عدل في الأرض حتى تنعم البشرية كلها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها دون تفرقة أو تحيز أو تمييز، ولكن.. واحسرتاه!
عندما تخلت هذه المنظمات عن دورها وسادتها الأهواء وتحكم فيها القطب الواحد أو القوة الواحدة ضلت طريقها وتنكبت مبادئها، فعم الخراب والدمار والإرهاب، واشرأبت أعناق الشر في كل مكان، وكل ينتصر لهواه ومعتقداته وإرثه وإن كان على غير صواب.. فوا أسفاه!
في يوم التضامن مع أهل الداخل الفلسطيني عام 1948 الذي يوافق الثلاثين من يناير من كل عام نفاجأ ونصدم بتصريحات من يفترض فيهم قيادة أكبر منظمة للدفاع عن الحقوق والحريات، نفاجأ بتصريحات غوتيريس أمين عام منظمة الأمم المتحدة ينقض مبادئ تلك المنظمة وقرارات مجلس الأمن والمنظمات الدولية وقرار اليونيسكو القاضي بأن المسجد الأقصى المبارك للمسلمين، وأنه لا علاقة للاحتلال الإسرائيلي بالمسجد وأسواره وباحاته وأسفله.
نفاجأ بغوتيريس ينقض هذا القرار كله، بل وينسفه وينسف معه العدل كله بقوله مجاملا اليهود في الإذاعة الإسرائيلية: «من الواضح تماما أن الهيكل الذي دمره الرومان في القدس كان هيكلا يهوديا».
ألا يعلم غوتيريس أنه بهذا ينشر الظلم والقهر في ربوع العالم ويغذي الإرهاب بكل أشكاله التي لا ترتبط بدين أو عرق؟!
كذلك أحزنني كثيرا وساءني تكريم الأمم المتحدة لرئيس الوفد السوري بشار الجعفري، فعلام تكرمونه؟! ألسفك الدماء أم لانتهاك الأعراض وضياع الكرامة الإنسانية في سورية؟!
ثم ألا يعلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تصريحه بنقل السفارة الأميركية إلى القدس نسف لقرارات المنظمات الدولية التي ساعدت على استقرار العالم ونشر السلام فيه ردحا من الزمان؟! كذلك أستغرب كل الاستغراب من مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان ديمستورا عندما يصرح بأنه قد يشكل هو وفد المعارضة.. كيف ذلك؟! وهل يعقل هذا؟! أم انك تريد وفدا على هواك؟! أم تسعى لتحقيق ما تريده أنت بعيدا عن تحقيق المصلحة للقضية السورية؟! أم تنفذ أجندة معينة لمصلحة قوى معينة على حساب سورية والشعب السوري؟!
إذن لماذا تنفخون في النار الآن وتصبون البنزين عليها؟!
ألا تعلمون أنكم بهذا تدمرون العالم؟!
ألا تعلمون أن العدل يقيم الأمم، وأن الله يقيم الأمة العادلة وإن كانت كافرة ويهدم الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة؟! وأن الظلم والقهر يولدان الانفجار وليس في منطقتنا فحسب بل في كل أرجاء العالم؟!
ألا تعلمون أن هذه التصريحات وما على شاكلتها يزيد العالم إرهابا ودمارا؟! فكيف تدعون أنكم تحاربون الإرهاب وأنتم من تغذونه وتنشرونه بتصريحاتكم وأفعالكم الظالمة وغير المسؤولة؟!
عجبٌ لتلك قضية وإقامتي
فيكم على تلك القضية أعجبُ!
يا قادة وساسة العالم ... أليس منكم رجل رشيد؟!
[email protected]