من كرم الله وفضله علينا أن جعل في السنة مواسم عظيمة، تعظم فيها شعائر الله، وتستثمر بها الطاعات، وتتكاثر فيها الحسنات، وتراجع بها الحسابات، وتتجدد بها العلاقات، وهي كثر خذ منها على سبيل المثال لا الحصر شهر رمضان وليلة القدر.. وغيرها من المواسم المعظمة.
وفي مقالنا هذا سنسلط الضوء على أيام مباركة ودرر نفيسة نثرها الرحمن، عز وجل، بين أيدي عباده وأقسم بها في محكم كتابه فقال: ( وٓالفٓجر وٓ لٓيٓال عشر)، وعظمها سيد الأنام صلى الله عليه وسلم فقال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء» رواه البخاري.
نعم إنها الأيام العشر الأولى من ذي الحجة أيام مباركة تفتح فيها الجنات وتتوالى الكرامات على وفود الرحمن بتتابع الدر المنثور بالحج المبرور والذنب المغفور حيث يعود الحاج كالمولود الجديد كما قال صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه».
بل ان الدر المنثور والذنب المغفور يطول الحجيج وغيرهم من المسلمين الموحدين المحرمين التواقين لمرضاة الله، عز جل، في جميع أصقاع الأرض بكل عمل صالح وذكر خالص لوجه الله، ومن بركة هذه الأيام يوم عرفة حيث اكتملت فيه الملة وأتمت به النعمة قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم..)، وفيه يعظم الصيام لغير أهل عرفة وتسكب العبرات وتقبل الدعوات ويكثر العتق من النيران ويباهي الله، عز وجل، بأهل عرفة ويطلق به التكبير والتعظيم، وفيه ركن الحج العظيم قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة».
وفي فتح الباري (585/3) قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيها، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيرها.
فمن الكياسة والحكمة أن يتميز المسلم بأمهات العبادات كما تميزت بها الأيام العشرة من ذي الحجة، فلذلك ضع لنفسك خطة خالصة لوجه الله، أهدافها واضحة واقعية مرنة تناسب قدراتك وإمكانياتك واحرص على ألا تقارن نفسك بالآخرين، ولتكن خطتك محفزة محددة بوقت عشرة من ذي الحجة تهدف من ورآها تثبيت عبادة مثل الصلاة في وقتها وخلق حسن مثل ضبط الانفعال وكظم الغيظ وكذلك الإقلاع عن عادة سيئة مثل التقصير في صلة الأرحام وأذكار الصباح والمساء، علاوة على ذلك أن تكون أهدافك قابلة للقياس والمراجعة والتغير والتعديل كن حازما مع نفسك فالنفس أمارة بالسوء أقرأ.. ابحث.. فكر كيف اجتهد السلف الصالح في الماضي والمتقون في الحاضر في استثمار العشر من ذي الحجة، ولتكن همتك متوقدة في رضا الرحمن والفوز بالجنان.
ebtisam _aloun@