لم يبق من حياتي الكثير، ربما الموت يخطفني في أي لحظة، وربما المرض والعجز يداهمني في وقت من الأوقات فيطفئ نور السعادة من حولي، وربما كثرة المشاغل تنسيني لذة المتعة بنعم الله عليّ، بل الأدهى والأمر هاجس التفكير والقلق والشكوك المستمرة حين تمزق كياني.
هناك لحظات في حياتي لم أعش تفاصيلها الجميلة ولم أتنفس هواءها المنعش، وحتى حلاوتها حرمت منها بقصد ومن دون قصد، صداقات جميلة عريقة ضاعت مني في زحمة الحياة، وعلاقات وطيدة قطعتها مناشير المشاغل.
إلى متى اللهث في هذه الحياة والانغماس في المشاغل؟ إلى متى تحميل أنفسنا فوق طاقتها وجلد ذواتنا؟ إلى متى ترك الحبل على الغارب للمتنمرين والمزعجين في تجريحهم لنا والتدخل في حياتنا وإزعاجنا؟
في زحمة الحياة هناك لحظات لم نعشها وزوايا جميلة لم نرتم في أحضانها، فلذلك أعاهد نفسي من هذه اللحظة أن أتلذذ بها، وأستنشق هواءها العليل وأستمتع بجمالها البديع، وأتنعم بهدوئها وسكونها، أتأمل فيها عظمة الخالق في روعة المخلوق، سوف أوقف دوامة العمل قليلا مؤمنة لأبعد الحدود بقناعة بأن الحياة تنتهي والمشاغل لا تنتهي.
من الظلم لأنفسنا أن يمضي قطار الحياة دون أن ننزل ونستمتع بمحطات السعادة وراحة البال، فلذلك هناك خطوات جريئة للاستمتاع بالحياة والاستغراق في تفاصيل كل لحظة جميلة.
وهذه الخطوات الجريئة تحتاج إلى فكرة ويتحقق ذلك بتعزيز القناعات الإيجابية ونبذ الأفكار السلبية والتركيز على الجميل في علاقاتنا والاهتمام بمن نحب وتقبل أنفسنا والتسامح معها إذا أخطأت في حدود المعقول، إلى جانب حب أعمالنا لأنها مصدر رزقنا وسبيلنا في إعمار الأرض والاستمرار في النماء والتفاؤل والتوكل على الله حتى قيام الساعة، والرضا والقناعة بما قسمه الله لنا دون أن نقتل طموحنا، ونؤمن بأن الحياة زائلة والجنة غايتنا وندعو الله أن يجعلها بأيدينا ولا يجعلها في قلوبنا.
وهناك جانب عملي للاستمتاع بالحياة وهو التخلص من إدمان العمل وكسر روتين العمل بإجازة ممتعة، وكذلك التواصل مع أصدقاء نحبهم ويحبوننا إلى جانب السفر وممارسة هواياتنا وتجربة أشياء جديدة بالمغامرة، فالمغامرة كفيلة بتجديد الحياة وضخ الحماس فيها، علاوة على ذلك الابتسامة الدائمة فهي صدقة تضاعف الحسنات وتدخل السرور على قلوبنا وقلوب من حولنا وتعزز الإيجابية في حياتنا، وفي النهاية الأمر بكل بساطة يحتاج إلى موازنة في جوانب الحياة وإعطاء كل ذي حق حقه.
abtisam_aloun@