جعفر محمد
إن قضية القروض الاستهلاكية أشبعت بحثا ونقاشا وتداولا ليس لكونها مشكلة مالية أرهقت أصحابها وحولت حياتهم اليومية إلى كابوس مخيف يهددهم فيها القانون بالسجن أو المصادرة للممتلكات فقط، بل لأنها ذات بعد يتعلق مباشرة بيوميات المواطن الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا الكون الفسيح، حيث أمست الماديات سمة العصر الحالي وسيطر الاقتصاد على مجمل الأدبيات في كل مجال، وهذا التحول لم يأت من فراغ، إنما كان نتاجا للتوجهات العالمية والاتجاهات الدولية الحالية والقادمة ذات الطابع الاقتصادي البحت، فللإنسان أن يستغني عن كثير من الأشياء من حوله إلا ماديا، بينما كان الإسلام ولايزال دينا يعنى بالروحانيات ويسمو بالأخلاق والتعامل، فإن عُطِّل حد السرقة، حسبما ينقل التاريخ في عام الرمادة فلا يفترض فينا اليوم تعطيل المنطق وآلة العقل، فلكل ظرف آلية واجتهاد تحدده الحاجة ومسألة الديون وما شابها من خطوط توازت وأسهمت في تفاقم المشكلة، إنما تستوجب وقوف كل مؤسسات المجتمع المدني للدراسة والتقييم وإعادة الأمور إلى نصابها، فمن تعثر في السداد ومن أثقلته الأقساط الشهرية ومن خسر ما خسر من جهد ومال.
إنما هم نتيجة لأسباب يجب الوقوف عندها وتحليلها لا الركون إلى سوابق كانت العاطفة فيها مسيطرة كمديونيات عام 1992 أو فواتير الكهرباء أو غيرها من المنح والعطايا التي كانت آنذاك مستحقة لمن استفاد منها، فنحن اليوم أمام معضلة تعتبر لا شيء أمام ما مرت به الكويت حتى فيما قبل الثاني من أغسطس.
فهناك حوادث جعلت الكويتيين يخلقون الحلول وليس هناك ما هو أكبر من قضية الأمن في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، فيجب علينا جميعا أن نعيد النظر في حالات التعثر ونحاول جاهدين الاسراع الى إغاثتهم كمواقفنا مع دول العالم التي احتاجت منا المواقف الإنسانية ومن ثم علينا معالجة الخلل وتشريع قوانين تحد من تلك الظواهر مستقبلا وإن كانت لدى النواب الكفاءة في التأزيم السياسي لكسب جولات جديدة كونها جزأ لا يتجزأ من العمل السياسي فحريٌ بهم الالتفات للمواطن وإشراكه في التحمل حتى تعود الأمور الى نصابها وتسمو الروح بالعودة للإسلام كمصدر للتشريع والبعد عن الربا واللعب بمقدرات الإنسان لتشكل مع الماديات عنصر الكمال الذي قال عنه الله عز وجل (المال و البنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا).