جعفر محمد
الآن يحق لنا القول بحق إن التجربة الديموقراطية في الكويت بدت كالجبل الراسخ، من خلال معطيات هذه المرحلة التي تمر بها الحياة السياسية، حيث لم تعد الانتخابات موسما يقضي فيه الناخب وقت فراغه فيطوف في مقار المرشحين رغم أنه أصلا اختار مرشحه، وفقا لانتماءاته ليس إلا، فناخب اليوم يعي مسؤولياته ويعلم تأثير ثقته التي سيمنحها لمن يستحق، فهو ملم بما يدور حوله في الإقليم والعالم، فكيف إلمامه إذن بداره التي هي مقره وبيته، لأن التأثر والتأثير كما يقول كيسنغر: يأتيان من ثلاثة موارد أولها الخصوصية، تليها المشاركة، ثم استخلاص النجاح. والمجتمع الكويتي الحالي لا يختلف عن مجتمع العشرينيات والخمسينيات من القرن الماضي، إلا عددا ورفاهية، فخصوصيتنا تمنحنا التمركز حول نقاط الالتقاء فنختلف متفقين على حرياتنا مع عدم المساس بها، وهذا ما حدث سنة 1921، بينما قطف أهل الكويت ثمار خصوصية التجربة بمشاركة العالم العربي آلامه، والانغماس في قضاياه الرئيسية حتى أصبح للفرد الكويتي حضور لافت في جميع قضايا العرب، فكانت مشاركة تستحق ما قدمته الكويت، وعادت بالنفع التام على المجتمع بأكمله، ومن يعي الخمسينيات يفهم هذا الاتجاه تماما، حتى عندما جاءت ساعة الاختبار أذهل الشعب الكويتي نفسه قبل العالم، فتوالى قطف الثمار وجني الأرباح وتحقق النجاح، فها هو الشعب الكويتي أميين ومتعلمين، يخوضون في قضايا العرب والعالم بمعرفة ودراية وسلوك أقرب ما يكون للكمال في قراءة الأحداث، وأصبحت تجربتنا محط إعجاب الجيران، فطبق بعضهم تجربتنا الديموقراطية وفق أعرافه، فأثرت الكويت في الآخرين وتأثرت بالجيد منهم لتكون المعادلة ببراهين، ومعطيات، وأسس، ناتجها النضج في تجربة الرأي الجامع للمؤسسة الشعبية، وإن كان السبق لـ «حدس» فإنما هي حركة كويتية بخصوصيتها تمترست بقاعدة شعبية عريضة، جعلت منها أكبر ممثل برلماني بعد الأسرة الحاكمة، فيا لها من تجربة تعمق مفهومها وتجلى نجاحها ولاح بيرقها، ليعلن نجاح الفرد الكويتي في فهم ديموقراطيته الثابتة، وقد انسجم الإخوان رغم اختلافهم مع تطلعات الجماعة فكان لهم النجاح وفق نجاح التجربة.
كلمة راس
أحد نواب «حدس» الحاليين كان زميلا لي في مقاعد الدراسة، وقد أصبحت معه في الدائرة الانتخابية نفسها الآن حسب التوزيع الجديد للدوائر الخمس، وقد أصوت له وأمنحه ثقتي كـ «حدسي» أكثر من كونه زميل دراسة كان يرفض أن يغشش زميله أيام الاختبارات بمادة الفيزياء.