تتصاعد الأحداث يوما بعد يوم داخل مجلس الأمة، حتى أصبح ساحة للخلاف والاختلافات، خاصة مع «تعسر» التفاوض والحوار وتبادل الرأي والرأي الآخر.
ونلاحظ في الفترة الأخيرة حالات التصعيد بسبب المصادقة على بعض القرارات والقوانين التي أغضبت جزءا من النواب وجعلتهم يتخذون مواقف متشددة ضد زملائهم المؤيدين للحكومة وكذلك الهجوم على رئيس الوزراء ومقاطعته وصولا إلى الصعود إلى المنصة لعرقلة التصويت وما حدث حينها من صدامات، حتى تدخل حرس المجلس لحماية الجميع وضبط الأمور داخل القاعة.
وقد استنكر الكثير من أهل الكويت ما حدث في تلك الجلسة لأنه لا يليق بالديموقراطية الكويتية ويسيء لها خارجيا، في حين رأى البعض الآخر أن ما حدث أمر وارد ويمثل الديموقراطية في أبهى صورها، مهما كان نوع التصادم أو العراك فإنه يعتبر من أعلى أنواع الرفض لتقييد الرأي وتقييد إرادة الأمة.
طبعا ليس هذا أول حدث في البرلمان الكويتي، فقد سبق وقوع عدة وقائع ربما أشهرها في السنوات الأخيرة ما حدث من اعتصامات تغيير الدوائر الانتخابية «نبيها خمس»، وحادثة دخول أو اقتحام المجلس، وآخرها حادثة الاعتصام خارج المجلس احتجاجا على شطب نائب معارض بحكم قضائي، ومقاطعة المعارضة لقسم الحكومة، وتلتها جلسة صعود المنصة وما شهدته من صدامات بين بعض النواب.
في البرلمانات العالمية وقعت أحداث مشابهة مع اختلاف شدتها وسببها، ومنها:
في البرلمان الأوكراني عام 2015 حدث عراك بسبب توجه احد الأعضاء المعارضين بباقة زهور إلى رئيس الوزراء أثناء إلقاء كلمته للنواب وعرض التقرير السنوي للحكومة ومحاولة النائب المعارض منع رئيس الوزراء بحمله وإبعاده عن المنصة وتسبب ذلك بشجار بالأيدي بين نواب البرلمان المؤيدين والمعارضين للحكومة!
أيضا في برلمان كوسوفو عام 2015 استخدم نواب البرلمان المعارضون الصافرات والغاز المسيل للدموع لتعطيل الجلسة اعتراضا على اتفاق أبرمته بلادهم مع صربيا يرون انه يهدد الأمن الإقليمي لبلادهم ويخول للصرب صلاحيات اكثر مما ينبغي للتدخل في شؤونهم.
وفي برلمان التشيك عام 2008 ضرب رئيس الوزراء وزير الصحة على رأسه توبيخا له على سوء الخدمات الصحية في البلاد ثم حدث بعد ذلك عراك بالأيدي بينهما!
أما في تركيا فوقع شجار حاد عام 2014 وصل إلى التراشق بزجاجات المياه داخل البرلمان اعتراضا على قانون من شأنه تعزيز سلطات الحكومة التركية على القضاء وتسبب الشجار في تقديم 3 وزراء استقالاتهم.
في كوريا الجنوبية عام 2009 عقدت جلسة برلمانية برئاسة الحزب الحاكم وتم تمرير بعض القرارات الخاصة بتخفيف القيود المفروضة على الوسائل الإعلامية فثار نواب البرلمان على الحكومة وحاولوا التعدي عليهم.
***
تلك بعض الأمثلة عن «هواش» وصدامات في قاعات البرلمان المختلفة حول العالم لم تجعلها تتوقف عن المضي في العمل البرلماني أو تعطيل الديموقراطية بسبب هذه السلوكيات المختلفة ولا تجعلنا نكفر بالديموقراطية، ولا هي أيضا عذر وسبب للهجوم على الكويت وتجربتها الديموقراطية الرائدة في المنطقة.
٭ بالمختصر: التجربة الديموقراطية لا تقف وهي عملية مستمرة بوعي ومطالبات الشعب نحو حياة أفضل.
٭ رسالة: واضح جدا وجود فريقين متنافسين يتحصنان بكل الوسائل المتاحة إعلاميا وتكنولوجيا وهناك مؤيدون لكل منهما، وكمواطنين مشاهدين يهمنا «الزبدة» من إقرار القوانين الشعبية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها، فالكويت أولا وأخيرا وجميعكم زائلون.. دمتم بخير.