دائما نسمع بشعارات رنانة حول التغيير والتطوير في الخدمات ومواكبة متطلبات العصر الإلكتروني ومجاراة عالم التقنية والمعلومات.
من السهل جدا مشاهدة تطورات العالم من حولنا وأن يرددها البعض «كالببغاء» ويستنسخ الأفكار والإنجازات ليقدمها في تصريحات للوسائل الإعلام ليعرف الناس أن هذا المسؤول يعمل جاهدا من أجل الإصلاح والتطوير!
الأهم من كل ذلك هو «العنصر البشري» الذي يتكون من تركيبة تتأسس من البداية في الأسرة والمجتمع والتعليم ثم الاطلاع والمعرفة والمهارات والخبرات لتكون لنا منظومة بشرية ممكن أن نضعها في مكانها المناسب لنبدأ ما نريد من إنجازات على أرض الواقع.
ومن الواقع العملي نعرف كيف نضع «الشخص المناسب في المكان المناسب» من أصحاب التخصص، فإذا سار الأمر بهذه الطريقة فسنجد أن الهرم في أي وزارة أو هيئة أو مؤسسة يعمل بشكل صحيح، وأن الفوارق بين الوحدات التنظيمية وأفرادها هي مسألة فارق سنوات الخدمة والخبرة وإجادة المهارات العملية والقيادية في ترؤس وتقليد المناصب في مفاصل العمل.
ما يفسد كل ذلك عدة أمور منها التعيين والترقية «الباراشوتية» أو بمساعدة متنفذين في مكان العمل أو خارجه دون مراعاة مبدأ العدالة والمساواة في إمكانية كل مستحق لأي منصب دون تمييز.
ومن السهل اكتشاف «هشاشة» الجهاز الإداري عند دخولك لأي جهة بدءا من البوابة والاستقبال أو السكرتارية وعدم تواجد المسؤولين قبل الموظفين في الصباح الباكر، لأن الأمر مرتبط تماما بتقييم الأداء الوظيفي وغالبا ما يستخدم الموظفون نظرية «إذا غاب القط العب يا فار» ويصبح الحال مثل الخمس دقائق الفاصلة بين حصتين دراسيتين في المدرسة ولكم تخيل ذلك.
ويمكن بناء منظومة من الثقة المتبادلة ومبدأ الشفافية وإحساس الجميع بالعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، وأن يكون الولاء للجهة وليس للأشخاص من أجل كسب إعجابهم والحصول على رضاهم لتنال ما لا يحق لك بطرق غير مشروعة وفاسدة.
كما أن استقبال الشكاوى والاقتراحات من المراجعين في أي جهة أمر في غاية الأهمية ويساعد في جزء من عملية تطوير الخدمات.
كذلك، يقع على عاتق الحكومة كسلطة تنفيذية ومجلس الأمة كسلطة تشريعية، القيام بوضع وتطبيق آلية شروط للتعيين في المناصب القيادية وعدم السماح بأن تكون بابا للترضيات والصفقات السياسية أو التكسب الانتخابي وإلا تدمر الأساس ونهش الفساد مفاصل الدولة.
قرأت خبرا في إحدى الصحف الإماراتية مفاده أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دولة الإمارات العربية الشقيقة رئيس الوزراء، وزير الدفاع وحاكم إمارة دبي قد وجه بالإعلان عن أفضل خمس جهات في الخدمات ومكافآت فرقها براتب شهرين، وكذلك الإعلان عن أسوأ خمس جهات مع تغيير مديريها وتقييمهم بعد عام ويهدف ذلك للمضي قدما في تحسين مستوى نافذة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين من الدولة وقال «من لا يسايرنا يرتاح».
٭ بالمختصر: قال الله تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) - «سورة التوبة: 105».
٭ رسالة: متى ستقوم الحكومة ممثلة برئيس مجلس الوزراء بمراجعة أداء الوزراء والوكلاء والوكلاء المساعدين والمديرين ورؤساء الهيئات والعموم كافة، والأخذ بمبدأ «من يعمل يبق» أو أن الأمر مبني على مرسوم تعيين بتاريخ بداية ونهاية لعدد من السنوات وما بينهما إلى المجهول؟!