ينتشر في عالمنا الكثير من الصراعات وتأتي هذه الصراعات بأشكال مختلفة، عسكرية، سياسية، اقتصادية، ثقافية، وكلها تصب في نقطة مهمة وهي الصراع والبقاء للأقوى.
يقول العالم السياسي الأميركي صامويل هنتنجتون في كتابه (صراع الحضارات): إن الأمم تتصارع فيما بينها ليس بالأيديولوجيات، بل بصراع الحضارات، وقسمها كما يرى إلى: الغربية واللاتينية والهندية والصينية والإسلامية والبوذية والأفريقية والأرثوذكسية.
ويرى هنتنجتون أن الإنسان يمكن أن يغيّر فكره الايديولوجي من الليبرالية إلى الشيوعية، ولكن في الصراع الحضاري لا يمكن للروسي أن يصبح فارسيا.
والأمر نفسه ينطبق على الدين، فيمكن للإنسان أن يحمل جنسيتين، ولكن لا يستطيع في الدين أن يكون مسلما وكاثوليكيا في الوقت نفسه! كما يؤمن بأن العوامل الثقافية ستشكل تكتلات وكيانات اقتصادية مثل حالة النمور الآسيوية وتقاربها مع الصين واحتمال انضمام اليابان، وهذا يعزز الهوية العرقية والثقافية وتتقلب على الاختلافات الأيديولوجية.
من جانب آخر، يقول الفيلسوف الإيطالي ميكافيلي في عبارته المشهورة (الغاية تبرر الوسيلة) أي أن كل الوسائل متاحة للاستخدام في الصراع السياسي مع تبرير القسوة في صراع الحكام على السلطة.
ويرى ميكافيلي أن الدين ضروري للحكومة، لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس، حيث كان المواطن الروماني يخشى حنث اليمين أكثر من القوانين، لأنه يهاب أولئك الذين يمثلون سلطات الرب أكثر من الرجال.
بين هذا وذاك، أقرأ كل ما يدور في (صراع الشرق الأوسط) بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية إيران الإسلامية، حيث تم الهجوم على قيادات مهمة لإيران والعراق داخل الأراضي العراقية بواسطة طائرة مسيرة، الحدث بحد ذاته يضع الكثير من علامات الاستفهام.
الجانب الأميركي يرى أن تلك القيادات تشكل خطرا على السفارات الأميركية وتواجدهم في المنطقة، لذلك تم استهدافهم كما هو نظام الاغتيالات الذي ينفذ من جانب الكيان الصهيوني المحتل، غير مكترثين بسيادة أراضي العراق ولا ردود فعل ايران تجاه المصالح الأميركية بالمنطقة، او اكثر تحديدا مصير دول الخليج المجاورة لإيران، حيث يصبح الوضع سفينة لا تعرف مصيرها وسط عاصفة شديدة وقاسية.
الأكثر تعقيدا، ان من قتلوا من قيادات الحشد الشعبي هم الذين كانوا يديرون العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش! ولكن بعض الشعب العراقي كانوا فرحين من التخلص من قيادي خلصهم من خطر داعش! ايران تريد حفظ ماء الوجه وكرامتها أمام شعبها والعالم وخسارتها الكبيرة، فمن المتوقع ان يكون لها رد بنفس السياق العسكري ولكن متى؟ وأين؟ وكيف؟ هذا هو ما يثير قلق العالم أجمع.
هنا، لا الميكافيلية بقانونها (الغاية تبرر الوسيلة) تنفع، لأن ما يبرر لأميركا والصهاينة لا يسمح لتبريره للمسلمين! ولا الصراع الحضاري لصامويل يفيد لأنه يبدو ان الحضارة الإسلامية اختارت الصراع الداخلي مع نفسها لتتفكك اكثر وأكثر بعد ان كانت تتصارع مع الحضارات الأخرى كما كان يراها هنتنجتون سابقا، ولو رآها الآن لغير رأيه وألّف كتابا جديدا بعنوان (يا أمة ضحكة من جهلها الأمم) ! بالمختصر: التاريخ يعيد نفسه وفي أزمنة مختلفة، ولكن من يفهم ومن يتعلم الدرس؟!
رسالة: حملة التخوين والهمز واللمز بين أبناء الوطن كشفت لنا العنصرية والطائفية التي يستغلها البعض في أي مناسبة وصراع خارجي ويسقط أمراضه المدمرة علينا.
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.