الأخ الفاضل معالي وزير المالية، براك الشيتان حفظك الله ووفقك لما يحب ويرضى.
لا أريد أن أدخل في مقدمة وديباجة طويلة، إنما أردت ان افصح عن مكنون في القلب لتكون رسالة محب مشفق أكثر من كونها نصيحة، محب دون أن يجالسك أو حتى يراك، ولكن ممن رأى منك خطوات إصلاحية أثلجت نفوس وقلوب السواد الأعظم من أبناء هذه الأرض الطبية، أرض العطاء، كويت الخير، ومن مشفق يرى أن الطريق الذي تسير فيه مليء بالحواجز والعراقيل.
لذلك رأيت أنه من واجبي الشرعي أولا ومن منطلق قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن الدين النصيحة، ولحق وطني علي ثانيا أن أوجه إليك هذه الرسالة.
الأخ بوعلي، لاحظت وشاهدت حجم الدعم الشعبي ألا محدود وبجميع وسائل التواصل الاجتماعي، كما لمست الضغط الشعبي الكبير على معظم أعضاء مجلس الأمة لرفض الاستجواب المقدم من النائب الفاضل رياض العدساني لك، ليس لأن المواد المذكورة بصحيفة الاستجواب غير مستحقة ولكن لأنها حدثت قبل توليك الحقيبة الوزارية، وكذلك لأنك لم تعط الفرصة والوقت الكافي، حيث لم يمض على تسلمك وزارة المالية إلا شهور قليلة، إضافة لكون أغلبية أهل الكويت من الطبقة المتوسطة، وهم الذين تشرفت وأعلنت يوم استجوابك بكل وضوح وفخر أنك تنتمي إليهم، حيث لمسوا منك صدق توجهك الإصلاحي، كما شعروا من خلال ما طرحته من برامج إصلاحية أن أمل إصلاح المسار المالي للدولة وضع على الطريق الصحيح.
معالي الوزير تعلم تماما أن للمال العام حرمة (المادة 17 من الدستور) ومع ذلك وللأسف الشديد شاهد وتابع الجميع، خاصة في السنوات الأخيرة أن هذه الحرمة انتهكت بكل صفاقة وجرأة، فاستبيحت هذه الأموال وبطرق منظمة وممنهجة وعلنية، وبصورة لم يسبق لها مثيل منذ قيام الدولة، وما يدمى القلب، أن من غالبية من قام ومازال يقوم بهذا التعدي والسطو على هذه الأموال هم بعض ممن أقسموا على صيانة المال العام، والمحافظة عليه، وفي مقدمتهم بعض أفراد الأسرة الحاكمة الذين ارتضوا الدنية من دينهم وطعنوا وطنهم، فتضخمت حساباتهم البنكية داخل وخارج الكويت وانتفخت كروشهم وأوجدتهم من أكلهم سحت مال الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حتى تمكن اليأس ووقر في اليقين ان إصلاح الوضع أمر يكاد يكون مستحيلا.
أذكرك أخي الكريم بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» واليوم، قد استودعك الله عز وجل هذه الأمانة، أمانة حفظ المال العام وتنميته، وقطع يد كل من يحاول التطاول عليه بغير حق وبالقانون، واعلم أن السنن الكونية دائما وأبدا أن الله ناصر الحق وأهله، فمهما تحصن أهل الشر والباطل فلابد أن يفضح.
أخي الكريم، إن أهلك أصحاب هذه الأرض الطيبة ومن يعيش عليها من المقيمين الشرفاء أملهم بالله أولا ثم بك أن تقوم بتصحيح المسار وأن تضرب بيد القانون على كل من تعدى ويحاول التعدي على المال العام وثرواته وثروات أجياله القادمة، واعلم أن الجميع معك يشد من أزرك ويدافع عن مسيرتك الإصلاحية، فالكراسي زائلة ولن يبقى إلا ما يسجل في صحيفتك ويذكرك الناس ويدعو لك به.
وفقك الله وسدد على طريق الحق والصواب مسيرتك وخطاك، وحفظ الله الكويت وأميرها وأهلها من كل سوء ومكروه.