الجنسية تعني الرابطة القانونية والسياسية القائمة بين الفرد والدولة، بما يمثل حزمة الحقوق والالتزامات الوطنية المتبادلة بينه وبينها. فهي علاقة مدنية تحكمها اعتبارات قانونية وسياسية واجتماعية تحددها الدولة المنشئة والمنظمة لها.
ولكل دولة نظامها في كيفية الحصول على الجنسية فيها والالتزامات المترتبة على الفرد حال حصوله عليها، وكيفية خسارة هذه الجنسية بسبب مشاكل سياسية أو قضائية يتعرض لها الفرد، أو في حال فشله بإيفاء الالتزامات المترتبة على حمله إياها.
ولأهمية ارتباط الأمن الاجتماعي والحقوقي للأفراد بجنسية بلد ما، نصت المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حماية حق كل فرد في التمتع بجنسية تحفظ له حقوقه المدنية الطبيعية، وتتفادى وقوع حالات انعدام الجنسية كمبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي، وإزاء اختلاف الدول المصادقة والموقعة على المعاهدات والقوانين الدولية المعنية بحقوق الإنسان في نظم حصول مواطنيها على جنسيتها، يحث مجلس حقوق الإنسان الدولي التابع لهيئة الأمم المتحدة الدول الأعضاء فيه على تطوير قوانينها المتعلقة بمنح وسحب الجنسية بما يؤمن العدالة والمساواة بين مواطنيها في نيل هذا الحق المهم والمصيري، الذي يمثل الحزمة الفعلية لكل الحقوق المدنية، ويحميهم من التجريد والسحب الجائر من هذا الحق.
وبينما سحب الجنسية من المواطن في الدول المتقدمة غير ممكن قانونيا، إلا في حالات الخيانة العظمى، نجده أمرا يسيرا جدا في دول أخرى، إذ يتم بعنوان السيادة لمجرد إبداء رأي لا تتبناه الدولة أو تتحسس منه.
لقد نص تقرير مجلس حقوق الإنسان الدولي في دورته الخامسة والعشرين 19 ديسمبر 2013 في توصياته المتعلقة بحقوق الإنسان والحرمان التعسفي من الجنسية، التوصية برقم 44: «يجب أن تكون القرارات المتعلقة بالجنسية خاضعة لمراجعة قضائية فعالة.
وفي سياق فقدان الجنسية أو الحرمان منها، يعتبر الشخص من مواطني الدولة المعنية خلال الفترة الكاملة لإجراءات الاستئناف».
قوانين الجنسية كشأن القوانين المدنية الأخرى خاضعة لنمو المجتمعات وأنظمتها السياسية والإدارية والقضائية، بجهود مفكريها وأجهزتها التشريعية والتنفيذية، وهي في حالة تغير نحو تأمين المزيد من الحقوق الإنسانية والمدنية بمسارات سريعة أحيانا، وأحيانا أخرى ببطء، وهو بطء يرتبط بطبيعة كثافة عوامل التغيير الصانعة للحراك الاجتماعي.
المجتمع الكويتي كغيره من المجتمعات الحية والمتطورة لا يخرج عن التدافع التكاملي نحو نضج أوضاعه الاجتماعية والتشريعية، ونأمل في حراكه وتدافعه الأخير بخصوص الجنسية أن ينجز في نتائج التغيير تشريعات عامة، ومجردة بنسبة عالية من الموضوعية، كما هي طبيعة التشريعات المتقدمة التي تخدم جميع فئات الشعب بلا أي استثناء أو تمييز.
[email protected]