بقلم: خالد مبارك هيف الحجرف - ديوان سمو ولي العهد
في لحظات خالدة ترتسم علامات ناصعة البياض في سجلات التاريخ تكتب بحروف من ذهب أسماء الرجال الذين تشهد لهم أعمالهم بالإعجاز والانجاز والمغفور له بإذن الله تعالى ـ الشيخ سعد العبدالله سمو الأمير الوالد الذي يمر على رحيله اليوم خمس سنوات كان مازال حاضرا في قلوب ابناء الشعب الكويتي والشعوب العربية حاضرا بمآثره وفضائله وأفعاله التي أضاءت سماء الكويت في المحافل الدولية ورفعت مكانتها بين الصروح العالمية.
نستذكر سمو الأمير الوالد ـ طيب الله ثراه ـ ونحن متأكدون أن شموخه مازال يحوطنا وأن عطاءه هو الزاد الذي يعيننا على تحمل الفراق وأن روحه مازالت تلهمنا الأمل المشرق في ظل وجود رفيق دربه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله.
ولقد كان سمو الأمير الوالد من الرجال الذين تتحدث عنهم أفعالهم الممتدة الأثر والتي لا تغيب بغياب اصحابها، استطاع ،طيب الله ثراه، أن يحقق المعادلة الصعبة في القيادة التي جمع خلالها بين الحزم ومحبة الناس.. واستطاع أن يكون قريبا من قلوب الناس فأحبهم ولم تمنعه مسؤولياته في القيادة من مشاركة أبناء الكويت في أفراحهم والتحقق من همومهم، لقد كان ،رحمه الله، من القادة القادرين على صناعة التاريخ لأمتهم فحمل مع أخيه وعضده سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، ورفيق دربه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله، راية البناء والتحدي والعبور بأمان نحو بر السلامة رغم المخاطر والتحديات التي كان تحدق بالكويت وأشدها غزو الكويت وتحريرها.
لقد كان ،رحمه الله، مدركا لطبيعة الأخطار التي تحيط بالكويت ومدركا لطموحات الشعب الكويتي في التطلع نحو الرقي وبناء الدولة العصرية المزدهرة، وأيقن بأن هذه الآمال لن تتحقق إلا ببناء الإنسان الكويتي، فعمل على إرساء قيم ومفاهيم تنمية البشرية في مختلف المجالات واستهدف مقدمتها إلى ترسيخ الممارسة الديموقراطية، حيث عبر عن ذلك بقوله «إننا مستعدون لاعطاء اقصى ديموقراطية ولكن يجب أن يكون واضحا ان تلك مسؤولية كبيرة يجب أن نتحملها ايضا» ولهذا تأصلت في رعايته فكرة الانتماء الوطني ونبذ العصبية أو القبلية فكانت الكويت دائما هي محط القلوب والانظار، وغرس في قلوب الجميع محبة الدفاع عن الوطن والذود عنه، ولقد تحمل سموه مسؤولية اثراء العمل الديموقراطي بما فيه من أعباء ومتاعب ارتبطت بنهج المعارضة، فلقد كان ،رحمه الله، يتلقى بصدر رحب كل الآراء.
مرت السنون وخلت الأيام وظلت رؤية سموه، طيب الله ثراه، وبصيرته بترسيخ نهج الشورى والديموقراطية البناءة في اطار وطني يجمع الشمل والوحدة الوطنية وتعزيز المسيرة التي ارسى دعائمها اسلافنا في ظل الشورى والديموقراطية التي حكمت المجتمع الكويتي منذ قديم الأزل كانت وجهة نظره تستند إلى أن حبنا للكويت كفيل بإذابة وصهر أي عراقيل طالما أن الكويت باقية فوق كل اعتبار.
ولقد ادرك الجميع ان قلب سموه وعقله كانا على الدوام يفكران فقط في مصلحة الكويت، فما كاد سموه يطمئن الى استقرار الوضع السياسي حتى بدأ يصبو إلى النهضة الاقتصادية، فوضع حلولا ناجحة لكثير من الازمات التي طرأت على الساحة الكويتية وأهمها إعادة اعمار الكويت بعد التحرير، واستطاع بحنكته أن يجتاز هذه المحنة وأعاد الاقتصاد الكويتي إلى انطلاقته المعهودة.
كل ذلك بفضل من الله عز وجل ثم بدعم من سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر، رحمه الله، وبمساندة من رفيق دربه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله.
فمن خلال العمل بجوار سموه، رحمه الله، أدركت وأدرك الكثير من اهل الكويت ان رجلا بحجم الشيخ سعد ستظل صفحات التاريخ تكشف عن مآثره وستظل مضيئة لمن يأتي بعده وفخرا على مر الزمان تحفظ مكانته الرفيعة التي صنعها بإخلاصه ومحبته لبلده وأهلها، حيث انه، رحمه الله، كان يجمع ولا يفرق، يغضب ولا يخاصم، كان يختلف معك ولا يقسو عليك، كان رحيما بالآخرين، قاسيا على نفسه.
فبعد خمسة أعوام من الرحيل ستبقى يا سمو الأمير الوالد، رحمك الله، باقيا في عقولنا وقلوبنا بطلا بعطائك للوطن وقبسا من الاخلاص والتضحية تستحق التكريم في حياتك وبعد رحيلك، فالعظماء خالدون وستبقى هكذا على الدوام، رحمك الله عزيز القوم عظيما خالدا في نفوسنا.
نادر في الرجال شهم «كريم» حسن الخلق ظافر بالمداح
فســـلام عليـــــك في كــــل ليـــل وســلاك عليــــــك كل صبــاح
فرحم الله سمو الأمير الراحل أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه تحت قيادة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ،حفظه الله، صمام أمان للكويت بعد الله عز وجل، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله. داعين الله عز وجل أن يلبس سموه ثوب الصحة والعافية ويعيده إلى وطنه سالما معافى.